“تكفير إعلامي” في بلاد الجولاني

“وزيران” للإعلام حتّى الآن منذ صارت سوريا محكومة بقبضة أحمد الشرع/ الجولاني، وقد غطّت جـ ـرائم التصفيات الجسديّة الطائفيّة والخطف والتنكيل، على ما جرى، ويجري، بحقّ شريحة الإّعلاميين.

ولم تكن سلطة الجولاني صبورة في إظهار سخطها واحتقارها للإعلاميّين الذين تتّهمهم فعليًّا بأنّهم من “فلول” النظام السابق. وبعد مضي نحو أسبوع فقط على الغزوة الجولانيّة لدمشق وسقوط المدن تباعًا، نشرت “وزارة الإعلام” في 13 ديسمبر/كانون الأوّل بيانًا عاجلًا أكّدت فيه عزمها محاسبة “جميع الإعلاميّين الحربيّين الذين كانوا جزءًا من آلة الحـ ـرب والدعاية لنظام الأسد الساقط، وساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في الترويج لجـ ـرائمه”.

فات هؤلاء، أو تجاهلوا عمدًا، وقد نصّبوا أنفسهم قضاة لتقييم العمل الإعلامي، أنّ النشاط الإعلامي في سوريا يخضع منذ عقود للرقابة والقيود، وأنّ هناك استحالة بأن يكون أداء الإعلاميّين مهما كانت مشاربهم أو انتماءاتهم أو كفاءاتهم، مختلفًا عمّا كان، تمامًا مثلما كان أداء الإعلاميين الذين نشطوا لسنوات في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الفصائل المسلّحة المعارضة نفسها التي تحكم دمشق الآن، والتي كان صدرها ضيّقًا إزاء أيّ خبر أو نشاط إعلامي لا يتلاءم مع أجنداتها، مثلما كان يجري في إدلب مثلًا، حيث أنّ هناك العديد من التقارير التي وثّقت انتهاكات الجولاني وجماعته، بحقّ ناشطين إعلاميّين قـُ ـتلوا أو عُـ ـذّبوا أو سُجنوا أو اضطُهدوا، لأنّ موادهم لم تكن تحظى برضا سلطة الأمر الواقع.

السؤال هنا، أيّ عهد جديد تبشّر به سلطة الجولاني السوريّين وهي تستهلّ حكمها بوضع الإعلاميّين تحت مجهر التنكيل الموعود؟ وكيف تستوي هذه الفكرة مع التصريحات الأولى لأوّل “وزير إعلام” في السلطة الجديدة وهو محمد العمر الذي وعد بالعمل في سبيل “بناء إعلام حر وضمان “حريّة التعبير”؟

لم تتمّ هذه “المحاكمات” حتّى الآن على ما يبدو. لكنّ الواقع، أنّ الإعلاميّين المقرّبين من “هيئة تحرير الشام” الجولانيّة والمرضي عنهم، نصبوا أنفسهم الآن وكأنّهم المدّعين العامّين والقضاة، للتنكيل بـ”الإعلاميّين” من العهد السابق. مواقع وإذاعات وقنوات أُغلقت، أو لم تعد قادرة على العمل، والإعلاميّون الجدد، أصبحوا يتولّون مهمّة “التكفير الإعلامي” بحقّ “زملائهم” في المهنة بالتشكيك بهم وبمهنيّتهم وبمعتقداتهم وبوظائفهم.

هل يبدل “وزير الاعلام” الثاني حمزة المصطفى هذه البشاعة الان؟

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top