ليست المرة الأولى التي يدلي فيها وزير الخارجيّة اللبناني يوسف رجي بتصريحات مثيرة للجدل، لكنّه في كلّ مرّة يتحدث، يزيد من خلط الحابل بالنابل.
عدم حرص رئيس الوزراء نوّاف سلام على وقف المهزلة الدبلوماسية، إمّا لأنّه موافق عليها، أو لأنّه لا يكترث لأداء وزرائه، أو لأنّه يتصرّف فعلًا كأنّ هذه الوزارة تنتمي لـ”المرّبع الأمني” لحزب القوّات ولا يمكنه دخولها.
سلوك الوزير العتيد، إدانة للحكومة. وبكلّ الأحوال، فإنّ رجّي خلال مشاركته في مؤتمر “الطريق إلى الدولة” بدا كأنّه تائه عن الدولة-أيّ دولة- التي ينشدها العمل السياسي والدبلوماسي المقتدر.
بالخلاصة، الوزير يعبّر عن أنّه لزوم ما لا يلزم. عموميات، ولا أفعال واضحة، ولا تصوّرات محدّدة، وأحيانًا بعض التضليل لينسب إلى وزراته إنجازًا ما عندما يقول: “إنّه للمرّة الأولى النظام الحالي في سوريا اعترف بلبنان كدولة”! ولعلّ كلامه بمثابة تبرير أخلاقي وسياسي للزيارة المحتملة لنظيره السوري الملطّخة صورة نظامه بجـ ـرائم مذهبيّة وطائفيّة ضدّ المسيحيّين والدروز والعلويّين والشيعة.
“بالدبلوماسية والصداقات” يريد الوزير وقف الاعـ ـتداءات الإسرائيليّة اليوميّة على لبنان، لكنّ اللبنانيّين لم يروا تحرّكًا يترجم هذه الأقوال إلى أفعال، ولم يشرح لهم ماذا يفعل.
بل إنّ الوزير يريد دبلوماسيّة خاوية لأنّ انشغالاته كبيرة، فهو يتعفّف أو يزدري فكرة إصدار بيان كلّما ارتكبت إسرائيل جـ ـريمة بحقّ اللبنانيّين، ويقول ببهلوانيّة فاقعة: “هناك اعتداءات إسرائيليّة.. فهل سنُصدر كلّ يوم بيانًا جديداً إثر ذلك؟ هل هذه البيانات توقف الاعتـ ـداءات؟”.
يا معالي الوزير البيان ليس غرضه الاستنكار فقط، وإنّما تسجيل رسمي ومشروع لواقعة انتهاك وهو يفترض من جنابكم التواصل مع السفارات في بيروت، ونظرائك حول العالم. هذا ليس امتحانًا في الإنشاء، والأهم لتذكير جنابكم، فهذه دماء لبنانيّين، تهدر.
وطبعًا لا علاقة للوزير بملفّ سلاح المخيّمات وعندما يتناول إيران فإنّه يتذكّر ضرورة قول “نريد أمرًا واحدًا وهو احترام سياة لبنان”. وبرغم أنّ عمر الحكومة ليس طويلًا، وفعليًّا لم تحقّق إنجازًا كبيرًا يذكر، فإنّ الوزير يرى أنّه يجب منحها المزيد من الوقت.