“فلول” و”لجنتان” و”المجـ ـزرة” مغيّبة! حتّى الآن، لا يبدو أنّ رئيس المرحلة الانتقاليّة أحمد الشرع/ الجولاني، يدرك فداحة ما يجري. أقلّه هذا ما توحي به كلمته الأخيرة ليل أمس.
فبعد 3 أيّام من عمليّات القـ ـتل المتفلّتة والتي تطال عائلات وأبناء منطقة الساحل بحسب ما تظهره مواقع وحسابات أهالي الضحايا على وسائل التواصل الاجتماعي من أخبار وصور ومشاهد مصوّرة، كثيرون كانوا يأملون-أو يتوقّعون- خطابًا وأفعالًا أكثر قوّة لمنع المجـ ـزرة الجارية.
الخطاب اكتفى بالتالي:
تشكيل لجنة وطنيّة مستقلّة للتحقيق وتقصّي الحقائق في أحداث الساحل السوري
ثمّ لجنة أخرى: لجنة عليا لحماية السلم الأهلي، من مهمّاتها التواصل المباشر مع الأهالي بالساحل السوري للاستماع إليهم وتقديم الدعم اللازم لهم
وبدل التركيز فورًا وبوضوح على عمليّات الإعـ ـدام والقـ ـتل الجماعي الجارية، كرّر الكلام عن وجود “فلول الأسد” الذين لن يتسامح معهم لأنّهم “ارتكبوا الجـ ـرائم ضدّ قوّات جيشنا ومؤسّسات الدولة وهاجموا المستشفيات وقتـ ـلوا المدنيّين الأبرياء وبثّوا الفوضى في المناطق الآمنة”.
وبعدما أكّد على “تعزيز المنطقة بالقوّات الأمنيّة لحماية السلم الأهلي ومنع حدوث حالات ثأريّة”، اكتفى بالحديث عن “وقوع تجاوزات وعمّت بعض الفوضى التي شاهدناها جميعًا”. كما توعّد بمحاسبة من تورّط في دماء المدنيّين وتجاوز صلاحيّات الدولة.
“تجاوزات وبعض الفوضى”؟ ألا يفترض أن يشاهد السوريّون اعتقالات وتوقيفات بحقّ أشخاص ومن القـ ـتلة أنفسهم وهم يرتكبون جـ ـرائمهم، لكي يطمئنهم؟
لم يحدّد الشرع/الجولاني من هي “الجهات الخارجيّة” التي تحاول خلق فتنة وجرّ البلاد إلى حـ ـرب أهليّة وتقسيمها. التذكير بـ”النظام الساقط” الذي “خلّف جراحات عميقة”، لم يعد وحده مقنعًا للعديد من السوريّين، ويريدون أفعالًا تحمي حياتهم وأبناءهم وعائلاتهم وقراهم ومدنهم.
استباحة الدم في الساحل (وغيرها) لم تكن وليدة الساعات الـ72 الأخيرة. الكلّ كان يشاهد “الانتهاكات” التي كانت تسمّى “فرديّة” خلال الشهور الثلاثة الماضية، والتي كانت تتضمّن تهديدًا ووعيدًا وبشكل علني ضدّ أبناء مكوّنات سوريّة، وتحديدًا العلويّين والشيعة والدروز والمسيحيّين والأكراد. الكثير من الانتهاكات ارتُكبت بذريعة “الفلول”، لكنّ المجـ ـزرة الحاصلة كان يمكن تجنّبها لو كان الجولاني أكثر استماعًا للناس، وأكثر حذرًا من الفصائل الأكثر تكفيريّة على يمينه.
كان يمكن تجنّب كلّ هذا الدم.