تشهد الأسواق المحليّة شحًّا متزايدًا في السيولة النقديّة بالليرة اللبنانيّة. تعود هذه الظاهرة جزئيًّا إلى السياسات الجديدة التي بدأت المصارف بتطبيقها، كما يظهر في المنتج المصرفي الجديد الذي تقدّمه المصارف حاليًّا، والذي يعتمد على جذب المودعين لفتح حسابات مصرفيّة مجمّدة بالليرة اللبنانيّة بفوائد مرتفعة نسبيًّا.
وكانت المصارف اللبنانيّة قد بدأت منذ نحو شهر بالترويج لحسابات مجمّدة بالليرة اللبنانية تُقدم فوائد تتراوح بين 25% و45% سنويًّا، بناءً على فترة التجميد التي قد تمتدّ لشهر أو ثلاثة أشهر أو حتّى سنة. هذه الخطوة تأتي كاستجابة للتحدّيات التي تواجهها المصارف، إذ إن كسر الودائع الخاصة بها لدى مصرف لبنان يترتّب عليه تكاليف مرتفعة جدًّا، ما يجعل تقديم الفوائد المرتفعة للمودعين خيارًا أقلّ تكلفة بالنسبة لها.
الآثار على الأسواق:
1- شحّ السيولة بالليرة:
عبر تجميد مبالغ كبيرة بالليرة في حسابات طويلة الأمد، تنخفض كمّية النقد المتداولة في السوق، ممّا يؤدّي إلى تفاقم نقص السيولة بين المواطنين.
2- ارتفاع تكلفة المعيشة:
نقص السيولة يؤدّي إلى زيادة الطلب على العملة الورقيّة، ما يدفع التجّار وأصحاب الأعمال إلى رفع الأسعار كتعويض عن صعوبة الحصول على السيولة.
3- تعزيز اعتماد الدولار:
مع شحّ الليرة اللبنانية، يلجأ المواطنون بشكل أكبر إلى التعامل بالدولار الأميركي، مما يُعمّق ظاهرة “الدولرة” في الاقتصاد اللبناني.
من جهة المصارف، تعتمد هذه السياسة على تقليص كسر ودائعها في مصرف لبنان، حيث تتكبّد خسائر فادحة إذا اضطرت لسحب الأموال. وعلى الرغم من أنّ تقديم فوائد مرتفعة يبدو حلًّا لاستقطاب الأموال، إلّا أنّه يُلقي بثقل جديد على الاقتصاد الوطني، إذ يُعزّز الانكماش النقدي ويُفاقم الأزمات الاجتماعيّة والاقتصاديّة.
ومن خلال هذا الإجراء وغيره من الإجراءات يتبيّن أنّ السياسات المصرفيّة أقرب إلى حلول مؤقّتة تهدف إلى حماية نفسها من التكاليف الباهظة، لكنّها تأتي على حساب المواطنين والاقتصاد.