حرب غزّة الإقليميّة كشفت أمورًا كثيرة، لكن تواطؤ شركات التكنولوجيا الكبرى مع “إسرائيل” سيظلّ بحاجة الى سنوات لمعرفة مدى وتأثير أطماعها الماليّة في دعم الكيان الاحتلالي، وحجم الموت والخراب الذي ألحقته تكنولوجيّاتها وتقنيّاتها التي كانت توصف تحبّبًا بأنّها ستكون في خدمة البشريّة ورفاهيتها.
وعندما تصدّت المغربيّة ابتهال أبو السعد والأميركيّة-الهنديّة فانيا اغراوال لاحتفال “مايكروسوفت” بالذكرى الـ50 لتأسيسها مؤّخرًا، لم يكن ذلك عملًا فريدًا، ولم يكن عملًا احتجاجيًّا فقط. كان تعبيرًا عن السخط المتواصل إزاء المدى الذي ذهبت إليه شركات التكنولوجيا للمساهمة في ما يوصف بـ “أوّل إبادة جماعيّة في التاريخ باستخدام الذكاء الصناعي”.
الثابت حتّى الآن، أنّ الكيان الإسرائيلي برغم امتلاكه قدرات تدميريّة هائلة استخدمها في السنوات التي سبقت حرب غزّة الإقليميّة، إلّا أنّ ما فعله خلال الشهور الـ18 الماضية (في غزّة والضفّة الغربيّة، ولبنان، وسوريا، واليمن)، لم يكن صنيعة يديه وحده، وإنّما كان فعّالًا ومؤثّرًا ومؤذيًا بدرجات لم تعهدها حروب البشر من قبل بفضل تعاون وتواطؤ وتسهيلات شركات مثل “غوغل” و”مايكروسوفت” وأمازون” و”ميتا” وغيرها.
إنّ استخدام “الذكاء الصناعي” من قبل الاحتلال لتحديد “ضحاياه”، لم يكن سوى كذبة تجميليّة كبرى بذريعة حماية الحياة البشريّة، بينما جثامين عشرات آلاف المدنيين واشلائهم هي الحقيقة الساطعة، والوحيدة.
لا تدعوا أحدًا يضلّلكم. المقـ ـاومة بكل صنوفها، كانت تأخذ بالاعتبار العنصر التكنولوجي في استعداداتها (وهناك نقاط كثيرة سجّلتها في رصيدها هنا)، لكنّ الانحياز الفاضح لشركات التكنولوجيا العملاقة إلى جانب “اسرائيل”، منحها تفوّقًا حاسًما مع لحظة انفلات القتل والتدمير فيما بعد “7 اكتوبر”، لم يكن متصوّرًا من أحد. حتّى الشركات نفسها كانت “تختبر” تكنولوجيّاتها على أرضنا وضدّ أهلنا وناسنا.
وفي كلّ صراع معها غدًا، سيبنى على الشيء مقتضاه.