ترامب وجـ ـريمة غزة: “تجميل” ما لا يجمّل

إذا كان رئيس وزراء العـ ـدّو نتنياهو فاجأك بعدوانيّته وخبثه خلال شهور الحـ ـرب الـ15 الماضية، فعليك الاستماع إلى دونالد ترامب، رئيس الدولة التي تقدّم نفسها بأنّها “حليفتك”.

وإذا كان نتنياهو ملاحق بمذكّرة اعتقال دوليّة لارتكابه جـ ـرائم حـ ـرب في غزّة، فعليك أن تتذّكر أنّ ترامب كان أوّل من يستضيفه على الساحة الدوليّة، وفي البيت الأبيض، في احتقار كامل لقرار المحكمة الجنائيّة الدوليّة.

أكثر من ذلك. لائحة الجـ ـرائم الملاحق بها نتنياهو، يتباهى ترامب بأنّه يريد إضافة جريمة أخرى باسمه عليها: جـ ـريمة التهجير. فما لم ينجح به رئيس وزراء العـ ـدوّ بهجوم الإبـ ـادة الذي خاضه ضدّ الفلسطينيّين، يريد ترامب أن يعيد تغليف الجـ ـريمة وتجميلها وكأنّها “عمل إنساني” لاقتلاع أكثر من 2 مليون إنسان من أرضهم.

“ملكيّة دائمة” يتحدّث ترامب عن قطاع غزّة، وكأنّها قطعة أرض قابلة للاستثمار بلا أهلها. أرض جرداء، عاقر، خراب، يريد هو وربما “شركاته” الأميركيّة، إعادة الحياة إليها لجعلها صالحة، ويحبّذ ألّا يكون شعبها موجودًا فيها، ولهذا يجب العمل على “نقلهم” إلى مناطق أخرى (مصر، الأردن وغيرهما)، للعيش من دون الخوف من أن يتعرّضوا للقـ ـتل كلّ يوم!

الحلم الصهيوني يتجسّد في كلمات ترامب خلال مؤتمره الصحافي فجر الأربعاء مع “ضيفه” المـ ـجرم الذي بدل أن يحاسبه أو يوبّخه أو يقيّده أو يجبره على “إنهاء الحـ ـروب” (انسجامًا مع رؤية ووعود الرئيس الجمهوري نفسه خلال حملته الانتخابيّة)، فإنّه يقدّم له “الهدية” الأسمى: أرض إسرائيل أكبر جغرافيًّا، وبلا سكّانها الأصليّين.

يتذرّع ترامب ومبعوثوه وهو يجولون على الدول العربيّة “الحليفة”، بأنّ الركام والصـ ـواريخ غير المنفجرة والدمار الذي خلقه نتنياهو (الموعود باتفاقات سلام مع 5 دول عربيّة جديدة)، تحول دون إمكانيّة إعادة الإعمار التي ستتطلّب نحو 15 عامًا وبالتالي من “المفضّل” ألّا يكون أهل الأرض فيها. يقول ترامب صراحة أنّه يؤيّد “تنظيف” (ويقصد تطهير) غزّة بالكامل، و”هناك الكثير من الأموال في المنطقة لبناء مناطق جديدة لفلسطينيّي غزّة في الدول الأخرى ويمكن للسعوديّة أن تدفع ودول أخرى أن تدفع”.

هل سيتمّ أيضًا فرض التوطين على لبنان؟ وعلى سوريا أيضًا؟ هل ستموّل أموال العرب “النكبة” الجديدة؟

التباهي بالجـ ـريمة و”أنسنتها”. هذا أخطر ما فعله ترامب فجر الأربعاء.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top