في خضمّ المرحلة الانتقاليّة التي تمرّ بها سوريا، أتى الإعلان الدستوري الجديد ليضع الأسس الأوّليّة للنظام السياسي المقبل، إلّا أنّ قراءة معمّقة لمضامينه تكشف عن اختلال واضح في توازن السلطات، وتكريس لصلاحيّات شبه مطلقة بيد رئيس الجمهوريّة. ورغم ما يحمله الدستور من نوايا تنظيميّة، إلّا أنّ غياب بعض الضوابط، إلى جانب تغييب مبادئ أساسيّة كالمحاسبة والديمقراطيّة، يعكس توجّهًا نحو نظام سلطوي مغلق، يفتقر للحد الأدنى من الرقابة المؤسّسيّة والفصل بين السلطات.
كما أنّ الفارق الزمني بين تاريخ تعيين اللجنة الدستوريّة السوريّة في 2 مارس/آذار 2025 وبين إعلان مشروع الدستور الجديد في 13 مارس/آذار 2025 هو 11 يومًا فقط.
المناصب التي يتولّاها أحمد الشرع/الجولاني وفق الإعلان الدستوري:
1. رئيس الجمهوريّة العربيّة السوريّة.
2. القائد العام للجيش والقوّات المسلّحة.
3. رئيس مجلس الوزراء، ويتولّى بنفسه تعيين الوزراء (دون وجود منصب مستقلّ لرئيس الوزراء).
4. رئيس مجلس الأمن القومي، ويعيّن أعضاءه السبعة، من بينهم أربعة من هيـ ـئة تحـ ـرير الشام سابقًا.
5. يعيّن ثلث أعضاء مجلس الشعب، بينما يُعيَّن الثلثان المتبقيان بالتشاور مع شركائه في السلطة.
6. يملك سلطة استثنائيّة في إعلان حالة الطوارئ.
7. يعيّن أعضاء المحكمة الدستوريّة العليا.
8. يمتلك سلطة عزل أي من السلطات الأخرى، بما في ذلك أعضاء الحكومة.
إشكاليّات تتعلّق بالمساءلة والمحاسبة:
• لا توجد أيّ سلطة دستورية تستطيع عزل الرئيس أو الحدّ من صلاحيّاته، حيث يبقى الأمر محصورًا بقرار مجلس الشعب، الذي يُعيّن الرئيس جزءًا من أعضائه، ما يضعف إمكانية المحاسبة الفعليّة.
• الإعلان الدستوري لا ينصّ بوضوح على الجهة التي تحاسب الوزراء، ما يخلق فراغًا قانونيًّا في آليّات الرقابة على الجهاز التنفيذي.
الثغرات الدستوريَّة:
• تحديد ديني دون تحديد جنسي: نصّ الدستور على أن يكون دين رئيس الجمهورية الإسلام، لكنّه أغفل ربما سهوًا شرط أن يكون سوريًّا من أبوين سوريَّين، كما جرت العادة الدستوريَة. هذا الغياب يكرّس مفهوم الانتماء الديني على حساب الانتماء الوطني، في مرحلة دقيقة من تاريخ البلاد.
• تغييب مفهوم الديمقراطيّة: لم يرد في الإعلان الدستوري أي ذكر صريح لمبدأ الديمقراطيّة كنظام حكم، ما يدلّ على توجّه غير تعدّدي في بنية السلطة الجديدة.
• انعدام الضوابط المؤسّساتية: غياب آليات تقييد السلطة التنفيذيّة أو محاسبتها بوسائل دستوريّة واضحة، يكرّس حكمًا فرديًّا مطلقًا لا يخضع لأي رقابة فعليّة.