الحـ ـروب التجاريّة التي يخوضها الرئيس الأميركي ترامب آخذة بالتصاعد. هذه المرّة أخذت منحى مغايرًا: “حـ ـرب الويسكي”.
بلغ حجم سوق المشروبات الكحوليّة العالميّة نحو 2.3 تريليون دولار في العام 2023 ومن المتوقّع أن ينمو إلى نحو 5.7 تريليون دولار بحلول العام 2032. وتبلغ قيمة هذه التجارة عبر الأطلسي، بين القارّة العجوز وأميركا، كسوقين كبيرتين انتاجًا واستهلاكًا، مئات مليات الدولارات سنويا.
ولهذا فإنّ قرار ترامب ليس تفصيلًا. التحالف التاريخي بين ضفّتَي المحيط، على المحكّ، والرئيس الأميركي يمارس ضغطًا قد يتسبّب في انفراطه قريبًا، فهم لم يترك خيارًا للحلفاء الأوربيّين سوى مقـ ـاومة “رسومه الجمركيّة” المتزايدة، أو الخضوع لإرادته بتفضيل المصالح والبضائع الأميركيّة على ما سواها.
إنّها “حـ ـرب الويسكي” الآن. فقد أعلن ترامب أنّه سيفرض تعرفة جمركيّة بنسبة 200% على جميع أنواع النبيذ والمنتجات الكحولّية الأخرى القادمة من دول الاتحاد الأوروبي، إذا لم يُلغِ الاتحاد تعرفاته الجمركيّة على الويسكي الأميركي.
ترامب ذهب أبعد. كتب قائلًا إنّ الاتحاد الأوروبي، إحدى أكثر هيئات فرض الضرائب والتعرفات عدائيةً واستغلالًا في العالم. ووصف فرض تعرفة جمركيّة بنسبة 50% بأنّه لاستغلال الولايات المتّحدة، “وإذا لم تُلغَ هذه التعرفة فورًا، فستُطبِّق الولايات المتّحدة قريبًا تعرفة جمركيّة بنسبة 200% على جميع أنواع النبيذ والشمبانيا والمنتجات الكحوليّة القادمة من فرنسا وغيرها من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. سيكون هذا مُفيدًا للغاية لشركات النبيذ والشمبانيا في الولايات المتّحدة”.
ودخل الصراع دائرة مغلقة. الفرنسيّون، المتباهون تاريخيًّا بصناعة الخمور لديهم وخصوصًا النبيذ، قالوا إنّهم مصمّمون على الردّ على رسوم ترامب.
الهجوم “الجمركي” لترامب عمومًا يدفع الشركات العالميّة الى البحث في خيارين، فإمّا القبول برسوم ترامب المرتفعة إذا ارادت دخول منتجاتها وصادراتها إلى السوق الأميركيّة الواسعة، أو الانتقال لتصنيع منتجاتها داخل الولايات المتّحدة نفسها.
“حـ ـرب الويسكي” جرس إنذار إضافي بأنّ العالم ينحدر إلى حرب تجاريّة كبرى، وعمالقة الشركات والمصالح، تتحسّس رؤوسها وتعيد حساباتها.
لكن لا تخطئوا، الفقراء عادة من سيدفع الثمن الاكثر ايلاما في صراع الكبار.