إذا كانت مراسم الكونغرس تمثّل فعليًّا نهاية عهد بايدن، الرئيس المترنّح المموّل للحروب والإبادة، فإنّها أيضًا بمثابة إيذان ببداية عهد ترامب “المتنمّر”.
صحيح أنّه من المبكر الحكم على ما سيتميّز به عهد الرئيس الجمهوري الذي عاد إلى البيت الأبيض للمرّة الثانية، وقد يتسمّ بما هو اسوأ من الـ “Bullying”، لكنّ سلوك التنمّر واضح الملامح منذ الآن.
“نيويورك تايمز” تتّفق مع هذا التقييم، وهي تعتقد أنّ ترامب سينتهج على الساحة الدوليّة سياسة “أكثر تنمّرًا وعدوانيَّةً من الدبلوماسيّة”.
والدلائل كثيرة. “تنمّره” على كندا والمكسيك بفرضه رسوم تجاريّة كبيرة عليهما بسبب استيائه من الهجرة غير الشرعيّة وتهريب المخدّرات، وتهديده الدنمارك بضمّ غرينلاند التابعة للحكم الملكي لكنّها تتمتّع بحكم ذاتي، وتنمّره على بنما بإعادة السيطرة على قناتها البحريّة، بالإضافة إلى منع الدول النامية من إيصال منتجاتها وبضائعها إلى الأسواق الأميركيّة.
ترامب قد يذهب بعيدًا في سلوكه الأهوج. هناك تأكيدات من مسؤولين إسرائيليّين بأنّه، برغم ضغوطه على نتنياهو من أجل الموافقة على هدنة في غزّة، إلّا أنّه قدّم تطمينات لكيان العـ ـدوّ بأحقّيته في استئناف الحرب فيما لو انتهكت حركة حمـ ـاس الاتفاق، أو إعادة تشكيل قوّتها بما يهدّد “إسرائيل”.
لائحة القلقين من تنمّر ترامب كبيرة. الصين؛ حلف “الناتو”؛ الاتحاد الاوروبي؛ إيران؛ العراق؛ بعض الدول الخليجيّة؛ سوريا؛ إلى جانب الأمم المتّحدة ومنظّماتها كلّها. في الساعات الأخيرة قبل تنصيبه، أضاف ترامب تنمّرا جديدًا ضدّ تطبيق “تيك توك” التي عرض عليها أن تستحوذ الولايات المتّحدة على 50% من ملكيّتها، مقابل الموافقة على السماح بإعادة تشغيلها.
“التنمر” بداية. معالم السلوك الاستعماري، حتّى لو انكفأ ترامب إلى الداخل، قد تتجلّى خلال السنوات الأربع المقبلة.
لنترقّب…