ودّعت بلدتَا عيترون وعيتا الشعب أكثر من 140 شهـ ـيدًا، ضحّوا بأرواحهم في وجه الاحتـ ـلال الإسرائيلي. هؤلاء الشهـ ـداء لم يكونوا مجرّد أرقام أو أسماء تتناثر على الشاشات، بل كانوا أحلامًا مكسورة، وآمالًا لم تُطفئها رياح الحرب، كانوا نبض الأرض وصوت الحق، كانوا الحياة التي اختاروا أن يزرعوها بدمائهم الطاهرة على تراب هذه الأرض.
عودتهم إلى أرضهم اليوم، هي شهادة حيّة على أنّ هذه الأرض ملك لأهلها، وأنّ كلّ قطرة دم سُفكت من أجلها ستظلّ تصرخ في وجه الغزاة: “لن تكونوا هنا”. شهـ ـداؤنا ليسوا في قبورهم فحسب، بل في كلّ ذرة تراب، في كل زاوية من زوايا هذه الأرض التي عرفتهم وسكنت في قلوبهم، وجعلت منهم أسطورة في زمن الصمت.
ولكن، هنا، يرتفع السؤال: أين هي الدولة؟ أين هي تلك المؤسّسات التي كان من المفترض أن تذود عن هذه التضحيات وتحميها؟! هل تعي الدولة حجم المسؤوليّة التي تترتّب عليها اليوم؟ هل تدرك أنّ ما حدث في عيترون وعيتا الشعب ليس مجرّد حدث عابر، بل هو استحقاق تاريخي تترجم فيه دماء هؤلاء الأبطال إلى واجب وطني لا يمكن التنازل عنه؟