تتمّ طباعة صور الشهداء الفلسطينيّين من أجل نشرها أو الاحتفاظ بها بشكل شخصيّ لمن يريد، وهذا جزء من حفظ الموروث المقاوم لرموز وطنيّة فلسطينيّة قاومت وواجهت ورفضت أن تعيش تحت الاحتلال الإسرائيليّ.
إلّا أنّ “إسرائيل” بدأت استهدافها للشهداء ليس فقط باغتيالهم بل بمحاولة محو أيّ أثر لهم بعد استشهادهم، وذلك بتجريم ومنع طباعة صور الشهداء عبر تهديد المطابع التي تقوم بطباعة صورهم أو أيّ رمز وطنيّ وأيّ صورة تحتوي على سلاح خاصّ بالمقاومة، إمّا بتهديد مباشر لصاحب المطبعة أو عبر أجهزة أمن السلطة الفلسطينية التي تقوم بمراقبة ورصد المطبعات وما يتمّ طباعته وتهديد أصحابها.
وفي مراحل معيّنة تمت مداهمة بعض المطبعات من قبل الجيش ومصادرة أدواتها. ورغم أنّ عمليّة تجريم طباعة ما هو سياسيّ، وتحديدًا الصور العسكريّة المقاومة ليس سياقًا حديثًا، فمنع طباعة المنشورات والبيانات وأيّ صور مرتبطة بالمقاومة له سياق تاريخي من الملاحقة والاستهداف، إلّا أنّه حديثًا أصبح يستهدف الصور الشخصيّة للمقاومين حتّى وإن كانت صورة مدنيّة شخصيّة لهم، فلذا يترّدد أصحاب المطبعات بطباعة الصور الخاصّة بالشهداء المعروفين لعلمهم بأنّه ممنوع ويتمّ تصنيفه ضمن “الممنوعات”. وقد تطوّرت حالة المنع هذه، فلم تعد مجرّد حالة مؤقّتة بل أصبحت عبارة عن أداة ممنهجة من أجل محو ذاكرة الفلسطينيّ المقاومة وعدم مراكمة فعل المقاومة الذي تمّ عبر الشهداء وذلك من خلال محو كل ما يرتبط بهم بالاستهداف وتحت بند “تجريم طباعة صور الشهداء”.
ما زالت بعض المناطق في الضفّة الغربيّة تتحدّى عملية الاستهداف هذه وترفض الخضوع لمثل هكذا سياسة، إلّا أنّ منطقة رام الله والبيرة أصبحت أكثر وضوحًا وعلنيّة بالتصريح بوجود هكذا سياسة، وترفض المطبعات في مدينة رام الله طباعة صور الشهداء وذلك بسبب ملاحقتهم ومنعهم بشكل مباشر من قبل جيش العدوّ وتهديدهم بأنّ أيّ طباعة لصور الشهداء أو ما يرتبط بالمقاومة سوف يعرّضهم للاعتقال والملاحقة، ومع غياب حاضنة شعبيّة أو جرأة في حديث الناشطين في رام الله حول سياسة المنع هذه أصبحت قانونًا ملزمًا للمطبعات في منطقة رام الله دون خوف وخجل من التصريح بسياسة المنع هذه.
تقول (س.ر) “للمرفأ” بأنّها ذهبت من أجل طباعة صور للشهداء في إحدى مطبعات مدينة رام الله المعروفة إلّا أنّ صاحب المطبعة رفض طباعة الصور بحجّة أنّها ممنوعة ويمنع عليهم طباعتها، فقرّرت الذهاب لمطبعة أخرى إلّا أنّها لاقت نفس الرد، وتكرّر ذلك في عدّة مطبعات في المدينة ضمن محاولات (س.ر) طباعة بعض صور الشهداء.