لماذا كان وجود ما يسمّى “لجنة إعادة هيكلة الاقتصاد” سرّيًّا حتّى الآن؟ ولماذا لم يعلن عن نشاطها من قبل؟ ولماذا يشرف عليها حازم الشرع، شقيق “الرئيس المؤقّت” أحمد الشرع/الجولاني؟
هذه أسئلة متروكة للمخيّلة، لكنّها بالتأكيد تشابه عمل المافيات. حتّى “رويترز” ربطت سلوك اللجنة بأداء النخبة الحاكمة في دمشق سابقًا. وينقل التقرير عن رجل أعمال جرى استدعاؤه ليلًا قوله “سألني (الشيخ) عن عملي، والأموال التي نجنيها… وظللت أنا أنظر إلى المسدس (الذي وضعه على خصره)”.
أمّا “الشيخ” فهو بمثابة “رئيس اللجنة” التي يشرف عليها حازم الشرع والتي “صادرت” حتّى الآن 1.6 مليار دولار، ووضعتها في صناديق سرّيّة. و”الشيخ” الذي يعمل من خلف الستار، هو لبناني الأصل، ويدعى “أبو مريم الأسترالي”، ويبدو أنّ اسمه الحقيقي هو إبراهيم سكرية وهو أسترالي من أصل لبناني مدرج على قائمة استراليا للأفراد الخاضعين لعقوبات بتهم تمويل الإرهاب.
يصف “أبو مريم الاسترالي” نفسه على الإنترنت بأنّه رجل أعمال محبّ للكريكيت والشاورما.
التغيير الذي تشهده سوريا، لا يتعدّى استبدال اوليغارشية بأخرى. ولا يعرف أحد أيّ شيء عن التفويض الممنوح للجنة، إلّا من يتعاملون معها بشكل مباشر. لكن بمقدور اللجنة مقاضاة رجال الأعمال المشتبه في تورّطهم في الكسب غير المشروع، أو مصادرة شركاتهم بشكل مباشر، أو عقد صفقات خاصّة (بمعنى آخر ابتزاز) أشخاص من عهد الأسد لا يزالون يخضعون للعقوبات الدولية.
المفارقة مجدّدًا أنّ الدور البارز للجنة في فكّ رموز الاقتصاد السوري، يعتمد على النفوذ الذي كان يتمتّع به أعضاؤها في إدارة الأموال في إدلب. “أبو عبد الرحمن”، وهو خبّاز سابق تحوّل إلى قيادي عسكري، يقف وراء دخول “هيئة تحرير الشام” إلى قطاع الأعمال، حيث إنّه كان أسّس اللجنة الاقتصادية لإدلب، وهي خارج إطار الهياكل الرسميّة للدولة. استقرّ “أبو عبد الرحمن” المعروف الآن باسم “حاكم الظل” في الطابق الثاني لمبنى المصرف المركزي منذ اليوم الثاني لسقوط دمشق. وبينما يتولّى “حاكم الظلّ” إدارة الفرع المالي للجنة، فإنّ اللبناني “أبو مريم” يدير الفرع المختصّ بكسب المال.