ثقافة الاشتباك المسلّح: الحجَر تحوّل إلى كارلو وأم 16 في الضفّة الغربيّة

بدأت المواجهة الفلسطينيّة ضدّ المشروع الصهيونيّ بكلّ الأدوات والوسائل المتاحة، وكان الحجَر هو الأداة الأكثر إتاحة أمام الفلسطينيّ ليرفض به الوجود الإسرائيليّ في أرضه. ففي المواجهات التي كانت تحدث، كانت الحجارة وضربها على الآليّات العسكريّة الإسرائيليّة والجنود هي الوسيلة الأكثر شعبيّة والمتاحة للجميع دون استثناء ودون تكلفة. وكانت الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى تعرف باسم “انتفاضة الحجارة”.

اليوم مع استمرار الوجود الإسرائيليّ كدولة استعمار، لم يتوقّف الفلسطينيّ عن المواجهة والمقاومة، ولم يعد الحجَر هو الأساس فقط بل تطوّرت المقاومة الفلسطينيّة بتطوّر قدرتها على الحصول على السلاح العسكريّ وتطوير وسائل أخرى من أجل إيلام العدو الإسرائيليّ، فأصبح الكارلو، وهو عبارة عن قطعة سلاح سهلة الصنع وبالإمكان صناعتها محليًّا أو الحصول عليها بثمن زهيد مقارنة بسعر الأسلحة الأخرى، سلاح الفقراء من الفلسطينيّين الذين يريدون المقاومة ولا يستطيعون الحصول على أسلحة أخرى. وكان الكارلو متاحًا خلال الانتفاضة الأولى إذ كانت بدايات ظهوره في تلك الفترة. ولاحقًا أعيد استخدامه كجزء من محاولات الفلسطينيّ استخدام كلّ ما هو متاح للمقاومة، ومن أشهر عمليّات المقاومة النوعيّة بواسطة الكارلو، علميّة نفّذها الشابّان محمّد وخالد مخامرة من بلدة يطا في قضاء الخليل في مركز تجاريّ قرب وزارة الجيش الإسرائيليّة وسط “تل أبيب” بتاريخ 8 حزيران 2016، وأدّت إلى مقتل 4 إسرائيليّين وإصابة 6 بجروح.

ولاحقًا مع تطوّر ونشوء الخلايا والكتائب المسلّحة في شمال الضفّة الغربيّة منذ بداية عام 2021 وتحديدًا بعد تأسيس كتيبة جنين من قبل الشهيد جميل العموري، بدأت فكرة الاشتباك مع العدوّ الإسرائيليّ بواسطة أنواع أخرى من الأسلحة وليس فقط الكارلو، وهي قطع السلاح من نوع “إم 16” ومن نوع “أم 4″ في بعض الأحيان إن توفّرت، وذلك من خلال الحصول عليها عبر سوق الأسلحة والتجارة بها رغم خطورة هذه السوق بسبب تغلغل العملاء فيها؛ إلّا أنّ المقاومين استطاعوا في مواقع عديدة تجاوز تجّار السلاح العملاء والحصول على الأسلحة التي يحتاجونها من أجل المقاومة، وفي مواقع أخرى يتمّ الحصول على السلاح عبر سرقته من معسكرات الجيش الإسرائيليّ الموجودة في الضفّة.

ولم تتوقّف المواجهة عند استخدام قطع السلاح فقط، بل إنّ التطوّر استمر لمرحلة إنتاج وتصنيع العبوات الناسفة التي تطوّرت بدورها من مرحلة الزجاجات الحارقة ” مولوتوف” والأكواع المتفجّرة الأصغر حجمًا، إلى مرحلة عبوات ناسفة تلحق ضررًا نوعيًّا بالآليّات العسكريّة الإسرائيليّة.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top