الحديث يتصاعد عن أنّ إسرائيل واقعة تحت “الوصاية” الأميركيّة المباشرة. فهناك غضب في أوساط اليمين الإسرائيلي، ورئيس وزراء العدوّ نتنياهو مضطرّ للخروج للتأكيد على أنّ كيانه “دولة” تتمتّع بالسيادة ولا يملي عليها أحد ما تقوم به.
الواقع لا يبدو كذلك.
الرئيس الأميركي ترامب وأركان دولته، وتحديدًا مبعوثيه ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، ونائبه جيه دي فانس، ووزير خارجيّته ماركو روبيو، كلّهم أتوا إلى إسرائيل خلال فترة زمنيّة قصيرة.
ترامب قال لمجلة “تايم” إنّه “أوقف الحـ ـرب” بعدما ارتكب نتنياهو “ذلك الخطأ التكتيكي المتعلّق (بقصف) قطر”، وإنّ نتيناهو كان يريد الاستمرار لسنوات، لكنّ العالم كان سيوقفه وإسرائيل تفقد شعبيّتها حول العالم. ترامب قال أيضًا إنّ “ضمّ الضفّة الغربيّة لن يحدث”، وإنّ إسرائيل ستخسر الدعم الأميركي إن فعلت ذلك. ترامب أثار جنون الإسرائيليّين عندما قال إنّه قد يتّخذ قرارًا بالإفراج عن القيادي الفلسطيني الفتحاوي مروان البرغوثي، المعتقل منذ أكثر من 20 سنة، من أجل قيادة غزّة في مرحلة ما بعد الحرب.
لجنة الاتصال العسكريّة التي شكّلتها الولايات المتّحدة في إسرائيل بهدف متابعة الأوضاع في غزّة، وتحت فكرة التشاور مع الإسرائيليّين، هي الآن من يملي ويحدّد الأمور الأمنيّة، ولم تعد تعتمد على التقارير الإسرائيليّة، وهي تسيّر طائرات مسيّرة في سماء غزّة لمراقبة وقف النار والتحرّكات على الأرض.
والآن تراقب الولايات المتّحدة كلّ شيء من قاعدتها في “كريات غات”، التي تعتبر عمليًّا مركزًا استخباراتيًّا أجنبيًّا على “الأراضي الإسرائيليّة”، وهدفها الرئيسي هو مراقبة أنشطة الجيش الإسرائيلي في قطاع غزّة، لضمان عدم انتهاكه لوقف إطلاق النار، بحسب ما تقول “هآرتس”.
هناك لجم أميركي للإسرائيليّين لمنع احتكاك جنودهم بالفلسطينيّين في غزّة. إسرائيل أُجبرت على إخلاء منطقة رفح فجأة. “سلّفت” واشنطن إسرائيل كثيرًا خلال العامين الماضيين، عسكريًّا، سياسيًّا، اقتصاديًّا واستخباراتيًّا، لا في غزّة فقط، وإنّما في أنحاء المنطقة، وهي الآن تعتبر أنّ من حقها “لجم” نتنياهو.
هذا ليس صك براءة للأميركيّين بعد كل ما فعلوه. هذا واقع يجري الآن.
ترامب ببساطة لا يريد من “يفسد” عليه “إنجاز” وقف إطلاق النار في غزّة، حتّى لو كان نتنياهو نفسه.
قد لا يكون لبنان بعيدًا عن هذا المشهد.








