العقلية المريضة لنتنياهو و”مواطنيه”

كثيرًا ما يتمّ التركيز على بنيامين نتنياهو من أجل إظهار الفظاعات التي يرتكبها الاحتـ ـلال في غزّة وبحقّ الفلسطينيّين عمومًا، وفي أحيان كثيرة أيضًا يتمّ ربط جـ ـرائمه بضرورات التوازن السياسي الداخلي والحفاظ على حكمه بسبب مقتضيات التحالف مع شخصيّات إجـ ـراميّة مثل الوزيرين بن غفير وسموتريتش.

هناك بعض التضليل هنا.

الكيان الإسرائيلي في جوهر تفكيره والعقيدة الصهيونيّة الممزوجة بمزاعم توراتيّة وعنصريّة، قائم على مشروعيّة ارتكاب هذه الأفعال. حتى اسحق رابين الذي كان مجـ ـرم حـ ـرب، ومن قادة العصـ ـابات الصهيونيّة المؤسّسة للكيان، ثمّ وقّع اتفاق أوسلو مع الفلسطينيّين، جرى تصويره كبطل للسلاح خصوصًا بعدما اغتـ ـاله يهودي متطرّف.

هذه هي إسرائيل.

بالأمس قال رئيس شعبة الاستخبارات السابق اهارون هاليفا إنّ “وجود 50 ألف قتـ ـيل في غزّة هو أمر أراه ضروريًّا من أجل الأجيال القادمة، حيث إنّه مقابل كلّ إسرائيلي قُـ ـتل في 7 تشرين الأوّل، يجب أن يُقـ ـتل 50 فلسطينيًّا، لا يهمّ إن كانوا أطفالًا أم غير ذلك، أنا لا أتكلّم بدافع انتقام، بل أقول ذلك كرسالة للأجيال القادمة، هم (الفلسطينيّون) بحاجة من حين لآخر الى “نكبة”، كي يشعروا بالثمن”.

“هآرتس” خرجت باستطلاع لا يقلّ فظاعة: غالبيّة اليهود الإسرائيليّين “ليسوا منزعجين” من عمليّة التجويع والمعاناة التي يكابدها الفلسطينيّون بسبب حصار حكومتهم وجيشهم.

الأرقام لا لبس فيها: 79% من اليهود الإسرائيليّين “ليسوا منزعجين كثيرًا” أو “ليسوا منزعجين نهائيًّا” من تجويع الفلسطينيّين.

المصيبة أيضًا أنّ 78% من يهود إسرائيل يعتبرون أنّ حكومتهم تبذل جهودًا كافية لتجنّب إلحاق ضرر لا مبرّر له بفلسطينيّي غزّة. الأنكى أيضًا أنّ 70% من هذه الفئة تعتبر أنّهم “يثقون” بمصداقيّة تقارير قوّاتهم العسكريّة حول محدوديّة الخسائر المدنيّة في غزّة.

المشكلة ليست نتنياهو ومقتضيات لعبته السياسيّة. تصديق هذه الفكرة بأنّه مقيّد ومحكوم سياسيًّا، يشكّل تبرئة للاحتـ ـلال، ولكلّ ما ارتكبه من جـ ـرائم وانتهاكات منذ أكثر من 70 سنة. القصّة بسيطة.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top