لن نهلّل لك يا ماكرون

لن نقول شكرًا فرنسا لأنّها قرّرت الآن الاعتراف بفلسطين كدولة. لن نتفاجأ ونهلّل فرحًا لأنّ رئيسها إيمانويل ماكرون اعتبر أنّ باريس قرّرت الآن، الآن فقط، “الوفاء بالتزامها التاريخي بسلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، وقرّرتُ أن تعترف فرنسا بدولة فلسطين. وسأُعلن ذلك رسميًّا خلال الجمعية العامّة للأمم المتّحدة في أيلول/سبتمبر المقبل”.

لن نقول شكرًا فرنسا، أيّها “الأمّ الحنون” بالنسبة للبعض، لأنّ ضميرها استيقظ الآن، بعد كلّ ما جرى.

لن نقول شكرًا فرنسا، حتّى لو هاجمك نتنياهو وعصابته الحاكمة، ومن خلفهم إدارة دونالد ترامب، على موقفك الجديد.

ماكرون وهو “يبيعنا” بضاعته الجديدة، كما لو أنّه ينتصر لنا ولحقوقنا، لا يرى هذه الدولة الموعودة بشكل طبيعي إلّا إذا كانت “منزوعة السلاح، وتعترف بشكل كامل بإسرائيل”.

لن نقول شكرًا فرنسا، لأنّها ساهمت في نكبتنا الكبرى منذ أكثر من 100 عام، من خلال مؤامرة “سايكس-بيكو” التي نهشتنا عبرها مع بريطانيا ومزّقتنا إلى أقوام وفرق وشعوب مبعثرة خلف الحدود وتقاسيمها.

لن نقول شكرًا فرنسا، لأّنها برغم فعلتها هذه مع بريطانيا، لم تجد لحظة مؤاتية طوال الـ100 عام هذه، لتكفّر عن ذنوبها (وهي كثيرة)، وتقف كما يجب إلى جانب الشعب الفلسطيني في كفاحه المديد والدموي.

حتّى عندما أقيم الكيان الغاصب على أرض فلسطين منذ أكثر من 70 سنة، واستتبّت له عوامل استمراريته، لم تعر فرنسا اهتمامًا لقيام دولة فلسطينية وكانت دائمًا، أسوةً بعرّابة وعد بلفور، تخشى أن تجرح مشاعر الكيان الإسرائيلي إذا قبلت بفكرة وجود “دويلة” لهم، لكنّها تغاضت وسايرت وساعدت وسلّحت المحتلّين وصولًا إلى حـرب الإبادة الآن في غزة والضفة الغربية.

لهذا، ولأسباب أخرى كثيرة، لن نهلّل لك يا ماكرون.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top