تطويق إيران من العراق

حتّى قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية-الأميركية على إيران، وانتهائها، كان ربط العراق بما يجري يتزايد، وتحديدًا من باب أنّ طهران فقدت نفوذها عليه، وهذه فرصة.

فرصة للغرب، وإسرائيل طبعًا. التخلص من “الفصائل”، واستطرادًا من بعض أجنحة الحشد الشعبي، أو كلّه إن أمكن، لأنّ ذلك سيستكمل تطويق إيران، خصوصًا من الخاصرة العراقية الهشّة.

كُتبت عشرات المقالات والتحليلات كيف أنّ حضور إيران في العراق، خصوصًا على الصعيدين العسكري والأمني، يتلاشى. وتكثّفت هذه القراءة منذ التزام الفصائل العراقية بوقف غير رسمي لإطلاق النار، ضدّ “إسرائيل” والقوّات الأميركية في المنطقة، ثمّ اتخذت منحى إضافيًّا بعد العدوان الإسرائيلي على إيران، وانضمام إدارة ترامب إليه، وبقاء الفصائل العراقية خارج القـ ـتال الذي استمر 12 يومًا.

تقول “الايكونوميست” مثلًا إنّ “العراقيين كانوا يخشون من انحياز بلادهم إلى جارتهم الكبرى إيران، والانجرار إلى الحرب مع إسرائيل وأميركا، وشعروا بالارتياح لبقاء حكومتهم بعيدة عن التدخّل”. وتخلص أيضًا إلى أنّ إيران “مع تراجع نفوذها في مختلف أنحاء المنطقة، لم يعد بإمكانها أن تعتمد على العراق بالطريقة التي اعتادت عليها”.

مشكلة هذه القراءات أنّها:
أوّلًا، تفترض بداهة أنّ إيران كانت تنتظر مساندة الفصائل العراقية لها في هذه المعركة.. وهذا خطأ ولم تظهر طهران أيّ رغبة كهذه، وقادة الفصائل أكّدوا أنّ إيران لم تطلب أن تتوقّع تدخّلهم
ثانيًا، تتعامى هذه القراءة عن فكرة أنّ هذين بلدين جارين تجمعها حدود طولها 1600 كلم، وبالتالي من الطبيعي أن يشعر العراقيون عمومًا بالقلق إزاء ما تتعرّض له جارتهم
ثالثًا، أنّ انحياز العراقيين في الماضي، أو مستقبلًا، إلى إيران ، بديهي، ومن يفعل ذلك لا يعتبر “وكيلًا” كما تصفه الدعاية الغربية
رابعًا، برهن العدوان على إيران، أنّ العراق في خطر فعلي وليس نظريًّا. المقاتلات الإسرائيلية راحت شرقًا وغربًا عبر أجواء العراق، بل وزوّدها الأميركيون (وربما البريطانيون) بالوقود في السماء العراقية، وهذه استباحة مهينة
خامسًا، حتى قبل حربي غزّة وإيران، تعرّض العراق إلى اعتداءات كهذه.
سادسًا، المصالح العراقية-الإيرانية واسعة ومتداخلة، اقتصاديًّا، وتنمويًّا، وبنكيًّا، واجتماعيًّا، ودينيًّا، ومذهبيًّا، وعسكريًّا… والغرب بهذا المعنى، ليس وصيًّا عليها

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top