أحرار في سوريا مظلومون في لبنان!

“ياما في الحبس مظاليم”، كما يقول المثل الشائع شعبيًّا. و30% من السجناء في لبنان، هم من السوريّين. ولم يزر أيّ مسؤول سوري من السلطة الجديدة في دمشق، لبنان حتّى الآن، وإعلام الجولانيّين، ومن يواليهم في لبنان، يركّزون منذ شهور على “مظلوميّة” السجناء السوريّين، ويصوّرونهم كأنّهم مجرّد ضحايا لنظام قضائي وسياسي وأمني يتّهمونه بأنّه “مذهبي وحليف للأسد”.

هذا طبعًا تضليل متعمّد، وإغفال لحقائق لا لبس فيها.

هناك “مظاليم” بالتأكيد في أيّ سجن في العالم، لكنّ التركيز على الماضي “الثوري” و”المعارض” الوردي وكأنّه يشمل كلّ السجناء ومحاولة تبييض صفحتهم، تجهيل للوقائع.

ينقل عن “الرئيس السوري المؤقّت” أحمد الشرع/الجولاني أنّه يريد معالجة الملفّات العالقة بين دمشق وبيروت، ويضع ملفّ ما تسمّيه سلطاته زورًا بـ”المعتقلين” (وليس السجناء)، على أجندته الأساسيّة في المحادثات مع المسؤولين اللبنانيّين. ومن المعتقد أنّ وزير خارجيته أسعد الشيباني الذي ضرب له موعد افتراضي في حزيران/يونيو الماضي لزيارة لبنان، ثمّ تأجلت، كان سيطرح هذا الملفّ، خصوصًا أنّ وزارته كانت أصدرت بيانًا بعد زيارة رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي إلى دمشق في 11 نياير/كانون الثاني 2025، بأنّ الاتفاق هو لـ”استرداد كافّة المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية”.

صحيح أنّ عددًا كبيرًا من السجناء لم يمثلوا أمام القضاء، إلّا أنّهم ليسوا فقط من السوريّين وإنّما من اللبنانيّين أيضًا وهذا نتيجة خلل في عمل مؤسّسات الدولة وتعطّلها طوال سنوات، وليست تمييزًا مستهدفًا ضدّ شريحة معيّنة من السجناء.

لكنّ الثابت أيضًا أنّ من بين أكثر من 2000 سجين وموقوف سوري، هناك مئات من السوريين المتّهمين بالإرهاب والانتماء إلى تنظيمات متطرّفة وفصائل مسلّحة وحمل السلاح على الأراضي اللبنانية وارتكاب جرائم قتل وسطو وخطف واغتصاب، وجرت إحالة المتّهمين من بينهم بقضايا إرهابيّة إلى محاكم عسكريّة، بمن في ذلك من تورّطوا في هجمات على جنود الجيش اللبناني، وقتلوا لبنانيّين مدنيّين أو اعتقلوا خلال اشتباكات مع الجيش والأمن ومشاركة بعضهم في غزو لبنان، والاعتداء على الحدود.

ومع ذلك الجولاني يريدهم، وسيمنحهم “حرّيتهم” طالما أنّهم ليسوا من “الفلول”.
ولبنان متفهّم ومتجاوب. هذه معضلة أخلاقيّة.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top