ظهور فيديو للمقـ ـاومة الفلسطينية يوثّق كمينًا استهدف مجموعة من المسلّحين العملاء لـ”إسرائيل” في رفح قبل أيّام، يعكس في جانب منه، التعثّر الذي يواجهه رئيس وزراء العـ ـدوّ نتنياهو في التعامل مع تحدّيات الحـ ـرب.
الفكرة ليست جديدة، والاحتـ ـلالات كما تظهر أحداث التاريخ، كلّما عانت في إحكام قبضتها، لجأت الى عناصر وقوى محلّيّة، لمساعدتها على تحقيق أهدافها، على حساب شعوبها وناسها الواقعة تحت الاحتـ ـلال.
هؤلاء “عملاء”، وخدمة للاحتـ ـلال، يستعملهم لخرق البيئات الداخلية وإضعافها إذا كانت حصينة، وتشويه الهويّة الوطنيّة، ويستخدمهم أيضًا كأكياس رمال لتلقّي الضربات نيابة عن جنوده وضباطه. والتاريخ حافل بالنماذج، من الكونترا في نيكاراغوا، إلى افغانستان والعراق ولبنان الذي شهد تشكّل قوّتين واضحتي الأهداف هما ما سمِّي بـ”قوّات سعد حداد”، ثمّ ميليشيّات أنطوان لحد.
لا دين ولا هويّة طائفيّة أو مذهبيّة للعملاء. هم من كلّ الأجناس والشرائح، ومن الممكن أن يكونوا أيضًا من “نخب” البلاد المحتـ ـلّة، كسياسيّين وإعلاميّين وموظّفي دولة وغيرها.
ياسر أبو شباب، فلسطيني من قطاع غزّة من مواليد العام 1993، من قبيلة الترابين التي تبرّأت منه وأحلّت دمه. كان سجينًا بتهم جنائيّة يعتقد أنّها مرتبطة بتجارة المخدّرات، لكنّه أخرج من السجن مع بدء الحـ ـرب الإسرائيليّة التدميرية على غزة، فألقى بنفسه في حضن الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، لتزوّده وحفنة من الشباب (ما بين 100 إلى 300 شخص) بالأسلحة والمال.
يتجوّلون في رفح تحت أنظار قوّات الاحتـ ـلال الإسرائيليّة، لمهمّات محدّدة: البحث عن المقـ ـاومين؛ مداهمة الأماكن والبيوت؛ المساهمة في حراسة مراكز الإغاثة الخاضعة لسيطرة الاحتـ ـلال المباشرة؛ وللمفارقة، العمل على السطو على قوافل الإغاثة التي كانت ترسلها وتوزّعها المنظّمات الدوليّة.
تتمركز عصابة “ياسر أبو شباب” تحديدًا قرب معبر كرم أبو سالم، وفي غرب رفح. حتّى الأمم المتّحدة أوردت اسمه كإحدى الجهات التي تعمل على تنفيذ عمليّات نهب ممنهجة للمساعدات الإنسانيّة.
بداية كان يسمّي ميليشياته “جهاز مكافحة الإرهـ ـاب”، ثم ظهرت لاحقًا باسم “القوّات الشعبيّة”. ويقول نتنياهو مدافعًا عنها، بعدما أثيرت ضجّة ضدّه بسببب سماحه بتسليح “جماعة مرتبطة بداعـ ـش” بحسب اتهامات من مسؤولين إسرائيليّين، “ما الخطأ في هذا؟ إنّه أمر جيّد.. إنه يُنقذ أرواح جنود إسرائيليّين”.