أخيرًا… ضمير أوروبا يصحو

عندما وقّعت اتفاقيّة الشراكة بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي في بروكسل في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1995، لم يكن ذلك فاتحة العلاقات بين الطرفين، إذ إنّ أوروبا فتحت ذراعيها للكيان الإسرائيلي من الأيّام الأولى لتأسيسه.

لكنّ “الشراكة” كانت قفزة كبيرة ومنظّمة للاحتضان الجماعي الأوروبّي لـ”اسرائيل”، برغم أنّ تاريخ توقيع الشراكة في 1995، ثمّ سريانها رسميًّا في العام 2000، لم تكن سنوات سلام بالنسبة للفلسطينيّين، وقد رفعت هذه الاتفاقيّة حجم التجارة بين الطرفين إلى أكثر من 46 مليار دولار سنويًّا، وجعل من الاتحاد الاوروبي الشريك التجاري الأكبر للكيان الإسرائيلي.

فما الذي تبدّل الان؟ ربّما أوّلًا، وقبل كلّ شي، أنّ مستويات جريدة الإبادة الجارية، لم تصل إلى هذا الحدّ من قبل. في أكثر من تصريح لمسؤول أوروبّي، برزت فكرة أنّ الجمع ما بين “القـ ـتل الجماعي والتجويع” (أو ما صار الفلسطينيّون يسمّونه “هندسة التجويع”)، لم يعد مقبولًا.
خلال الشهور الـ18 الماضية، كان رئيس وزراء العـ ـدوّ نتنياهو يدير “جـ ـريمة الحـ ـرب” التي يرتكبها متنقّلًا ما بين القتل الممنهج والشامل، ثمّ يعمد إلى تهدئة محدودة تتيح إدخال الطعام والمياه والوقود والأدوية، بما يساهم بـ”أنسنة” الجريمة. لكنّه الآن، ومنذ أكثر من شهر، فرض إغلاقًا شاملًا، وصعّد في الوقت نفسه من هجومه الدموي.

المادة الثانية من الاتفاقيّة تنصّ على أنّ الموقعين عليها مُلزمون باحترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. هذه هي الثغرة التي حاول رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ونظيره الإيرلندي ليو فارادكار، الدخول منها للضغط على “إسرائيل”. لكنّ ذلك كان في منتصف فبراير/شباط 2024، أي قبل 15 شهرًا، ولم تجد فكرة مراجعة الاتفاقيّة، قبولًا واسعًا بين الوزراء الأوروبيّين.
والآن يقول دبلوماسيّون إنّ 17 من أصل 27 دولة بالاتحاد الأوروبي أيّدت “المراجعة” التي اقترحها وزير خارجيّة هولندا كاسبر فيلدكامب وستركز على ما إذا كانت “إسرائيل” ملتزمة ببند حقوق الإنسان المنصوص عليه في الاتفاق.

يقظة ضمير؟ ربّما..
وربّما أيضًا أنّ الدبلوماسيّة الأوروبيّة ترى فرصة سانحة للضغط على نتنياهو لملاقاة تصاعد الضغوط الداخليّة عليه، وفتور علاقته الظاهر مع إدارة ترامب، ومحاولة إنجاح مفاوضات الدوحة التي انخرط فيها الأميركيّون بقوّة.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top