عندما زار الرئيس التركي أردوغان القاهرة في شباط/فبراير الماضي، وهي الأولى خلال أكثر من 10 سنوات، لم يكن يخطر في حسابات الرئيس المصري السيسي، أنّ الأردوغانيّين سيباغتونه بـ”غزوة سوريّة”، تطيح الدولة في دمشق.
هل تتوقع القاهرة الآن، مباغتة تركيّة من حدودها الشرقيّة مع ليبيا؟
انتظرت القاهرة 3 أسابيع منذ سقوط دمشق، لتقوم الثلاثاء الماضي بأوّل اتصال رسمي (اتصال هاتفي من الوزير بدر عبد العاطي بنظيره السوري أسعد الشيباني) مع حكومة الشرع/الجولاني، الذي كان قبلها بيومين استقبل وفدًا ليبيًّا برئاسة وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسيّة وليد اللافي، ممثّلًا حكومة طرابلس، المدعومة من أنقرة والدوحة.
هناك مخاوف متزايدة بأنّ أردوغان قد لا ينتظر طويلًا للبناء على “نقلة الشطرنج” الجديدة بعدما نجح في ترسيخ اختراقه لجبهة الأمن القومي المصري التي تمتدّ عبر سوريا باتجاه جبال طوروس، وقد يبحث عن “تكرار للسيناريو السوري” بـ”سيناريو ليبي”.
من اجل الضغط على مصر من الخاصرة الليبية، سيحتاج الأردوغانيّون إلى الخلاص من حكومة الشرق المتمركزة في طبرق، بقيادة اللواء خليفة حفتر، المفترض أنّه مدعوم من القاهرة والرياض وأبو ظبي.
هناك “احتلال تركي” واضح في ليبيا وقد أرسلت آلافًا من قوّاتها والمرتزقة من الفصائل المسلّحة الموالية لها في سوريا، إلى غرب ليبيا بموجب مذكّرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني موقّعة مع رئيس حكومة “الوفاق الوطني” السابق فائز السراج، في إسطنبول في 27 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، حيث سيطرت تركيّا بموجب هذه المذكرة، على قاعدَتي “الوطية” الجوّيّة و”مصراته” البحريّة، وأقامت مركزًا للقيادة المشتركة التركيّة الليبية في طرابلس، حيث حكومة الدبيبة الحالية.
عين مصر على أمنها القومي المطوق وحدودها الغربيّة التي قد تصبح مهدّدة بسيناريو “الجيش المصري الحر” المهيمن عليه من “الإخوان المسلمين”، بينما عين تركيا على توسيع نفوذها في الشمال الإفريقي وسواحل البحر المتوسط، حيث لها مكامن للطاقة متنازع عليها مع مصر وقبرص وأوروبا، وفي ليبيا نفسها التي تمتلك أكبر احتياطات نفطيّة في إفريقيا، وتتطلّع أنقرة الى اكتساب كعكعة إعادة الإعمار. وكلّ هذا قد يتطلّب الاصطدام مع مصر، أو التفاهم معها.