يبدو أنّ الجانب الإسرائيلي يسعى جدّيًّا لوقف إطلاق النار بغية تمرير فصل الشتاء والاستعداد لاستئناف القتال في الربيع، إذ إنّه يرى فرصةً ذهبيّة للقضاء على الحزب في هذه المرحلة، لكنّ الطقس الذي أصبح جنديًّا في صفوف الحزب يشكّل إعاقة كبيرة له.
معروف أنّ العمليّات العسكريّة تشكّل تحدّيًّا كبيرًا للجيوش النظاميّة، خصوصًا خلال الشتاء. وليس المقصود هنا فقط صعوبة تحرّك الآليّات أو التحدّيات اللوجستيّة بسبب الوحول، بل إنّ القوة الأساسيّة لـ”إسرائيل” تكمن في قدرتها على مراقبة مسرح العمليّات جوّيًّا وفضائيًّا. إلّا أنّ هذه القوّة تتأثّر سلبًا خلال الشتاء، حيث تقلّ كفاءة التكنولوجيا الإسرائيليّة، بما في ذلك أجهزة المسح الحراري والرؤية، بسبب العواصف والغيوم والضباب، ممّا يمنح رجال الحزب مساحة أكبر للحركة وتنفيذ العمليّات بنجاح، وهو أمر يشكّل هاجسًا لـ”إسرائيل”.
قد يكون وقف إطلاق النار فرصة للحزب لإعادة تنظيم صفوفه، على الرغم ممّا يرافق ذلك من التخلّي الجزئي عن دعم غزّة، على الأقل علنيًّا. بالإضافة إلى ذلك، لا يستطيع الحزب تحمّل تبعات عرقلة وقف إطلاق النار من جانبه أمام اللبنانيّين، خصوصًّا أنّ “إسرائيل” مستعدّة للإجـ ـرام بحقّ المدنيّين وتحميل الحزب مسؤوليّة المجـ ـازر.
مع ذلك، فإنّ التسريبات حول أجواء إيجابيّة بشأن التوصّل إلى وقف لإطلاق النار لا يمكن فصلها عن إطار الحـ ـرب النفسيّة التي تستهدف اللبنانيّين والفلسطينيّين. كما أنّ أيّ اتفاق محتمل، إن تحقّق، قد يكون جزءًا من محاولة استدراج المقـ ـاومة في لبنان نحو أزمات داخليّة، لا سيّما مع ربط وقف إطلاق النار بملفّ انتخاب رئيس الجمهوريّة. وفي حال فشل هذه الجولة بعد انقضاء العاصفة الحاليّة، من المتوقّع أن تعود “إسرائيل” إلى محاولة استئناف المفاوضات مع اقتراب أو بداية العاصفة المقبلة.