العراق ديموغرافيًّا لأوّل مرة منذ 30 سنة

التعداد السكاني العاشر الذي يجري في العراق الآن، يؤمل بأن ينقل البلاد إلى مرحلة جديدة باتجاه الاستقرار السياسي والتنمية، خصوصًا أنّه يفترض أن يساهم في رسم صورة دقيقة لتركيبته الديموغرافيّة بعد أكثر من عقدين من الفوضى والخراب اللذين تسبّب بهما الغزو الأميركي العام 2003.

وهو التعداد السكّاني الأوّل منذ العام 1997 والذي لم يشمل وقتها مناطق إقليم كردستان، علمًا بأنّ التعداد الشامل لكلّ مناطق العراق جرى في العام 1987.

ومن هنا تكمن أهمّيّة التعداد السكّاني الحالي، لأنّ المجتمع العراقي ومكوّناته الاجتماعيّة والدينيّة والعرقيّة شهدت تغييرات جذريّة خلال العقود الثلاثة الماضية.

ومن أجل ضمان نجاح التعداد، يقبع أكثر من 40 مليون عراقي بحسب التقديرات غير الرسميّة، في منازلهم وأحيائهم منذ فجر الأربعاء، لكي تتمكّن فرق التعداد السكّاني من الوصول إليهم والحصول على البيانات الأكثر دقّة، ومن خلال آليّات التعداد والإحصاء الإلكتروني للمرّة الأولى بتاريخ العراق.

ويتجنّب الإحصاء أسئلة تتطلّب تحديد القوميّة والمذاهب، وهو ما يقول مسؤولو وزارة التخطيط إنّ هدفه تجنّب الحساسيّات الطائفيّة، والتركيز على الهويّة الوطنيّة الجامعة. لكنّ التعداد السكّاني يستوجب تحديد الانتماء الديني، في بلد عانى من مقتل مئات آلاف الأشخاص خلال العقود الثلاثة الماضية، وهجرة مئات آلاف آخرين، خصوصًا من الأقلّيّات المسيحيّة والإيزيديّين والأكراد، بالإضافة إلى ظاهرة النزوح الداخلي التي لم تعالج حتّى الآن.

كما يستوجب الإجابة على أسئلة حول عدد ما يملكه الفرد من سيّارات أو ممتلكات كهربائيّة وغيرها من أجل تحديد الشرائح الأكثر عوزًا، وبناء خطط التنمية والخدمات والاستثمار وفقًا لحاجات هذه المناطق أو العائلات في المستقبل.

المخاوف هي زيادة التوتّرات بين المكوّنات العربيّة والكرديّة والتركمانيّة والشيعيّة والسنّيّة والمسيحيّة وغيرها.

كما تتحسّب بعض القوى السياسيّة من تأثير التعداد على توزيع الموارد ونفوذها في السلطة وحجمها في إدارات الدولة.

الخطوة قفزة مهمّة نحو المستقبل، كما تأمل الحكومة. لعلّها تصلح قليلًا ممّا عمّمه الاحتلال من خراب.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top