من غير الواضح أيّ حنكة سياسيّة أو لغويّة يمكن أن تعالج نقطة “حقّ الدفاع عن النفس” المطروحة في مسودّة اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الإسرائيلي.
تفاؤل الرئيس برّي، والموفد الأميركي هوكستين قد يكون مدفوعًا بأنّ لمسات أخيرة وضعت على الصياغات الواردة في المسودّة، وتبلّغها المبعوث الأميركي، ثمّ جرى العمل عليها ليل الثلاثاء-الأربعاء قبل انتقال هوكستين إلى “تل ابيب”.
من البديهي أنّ كيان العـ ـدوّ يريد استغلال عبارة “حقّ الدفاع عن النفس”، ليمنح لنفسه شرعيّة الاعتـ ـداء على لبنان، متى ما رأى مبرّرًا لذلك في المستقبل.
ولهذا يضع اللبنانيّون آمالهم على حنكة الرئيس بري للخروج بصياغة لغويّة تظهر لبنان ملتزمًا بالسعي إلى وقف لإطلاق النار، وإنّما من دون الإخلال بسيادة البلاد وتضحيات أهلها، ذلك أنّ القبول بالموقف الإسرائيلي، يعني أنّ لبنان سيظلّ تحت رحمة ومزاج رئيس حكومة الكيان، سواء المجـ ـرم الحالي نتنياهو، أو أيّ من سيخلفه.
وتقول مصادر لـ”المرفأ” أنّ الجانب اللبناني يحاول في محادثاته وملاحظاته التي قدّمها للمبعوث الأميركي، ألّا يسمح بـ”إجهاض” القرار 1701 نفسه، لأنّ العديد من البنود المطروحة في المسودّة، تسمح للكيان الإسرائيلي تدريجيًّا بالتفلّت منها، ووضع البلد تحت “انتداب” يقوده جنرال أميركي، فيما يجري تحويل قوّات “اليونيفيل” الى أداة تنفيذيّة بين يديه، وبما قد يتخطّى دور وسيادة الحكومة والجيش اللبناني.
تتساءل المصادر، وهي محقّة، عن الأسباب التي جعلت الأميركيّين “يسايرون” إسرائيل، بإدراج هذا البند في المسودّة التي صاغها وزير الشؤون الاستراتيجيّة الإسرائيلي رون ديرمز في إطار زيارتيه إلى موسكو وواشنطن مؤخّرًا، مع إدراك الأميركيّين أنّ لبنان، حكومة وشعبًا وجيشًا ومقـ ـاومة، لن يكون بمقدورهم ابتلاعها؟
فهل كان المقصود عمدًا، إلقاء الكرة في ملعب لبنان، لإظهاره بموقع الرافض، وإتاحة المزيد من الوقت أمام العـ ـدوّ للمضي قدمًا في عدوانه على البلد؟ خصوصًا أنّ “إسرائيل” كانت تعلن بالتزامن مع وجود هوكستين في بيروت، أنّها لن توافق على خطّة لا تضمن ما تعتبره “حقّها” في العمل بحرّيّة ضدّ أيّ تهديد يأتي من لبنان؟
هذه وساطة أميركيّة؟ أم تواطؤ؟