محكمة العدل الدولية، التي يرأسها القاضي اللبناني نوّاف سلام، رفضت طلباً جديداً مقدّماً من جنوب إفريقيا للنظر في ما إذا كانت العمليات العسكرية الإسرائيليّة التي تستهدف مدينة رفح تنتهك الأوامر المؤقّتة التي أصدرتها المحكمة في قضية الإبادة الجماعية.
ماذا يحصل في رفح؟
حاصر الاحتلال الإسرائيلي ما يزيد على نصف سكان قطاع غزة (مليون ونصف مليون مهجّر) في مدينة رفح جنوبي القطاع، عبر مراحل نزوح متعدّدة من شمال القطاع ووسطه، ومدينة خانيونس، فيما يهدّدهم الآن بتنفيذ عملية عسكرية في المدينة الحدودية!
فعل ذلك بينما يرتكب المجازر اليوميّة بحقّ العُزّل من الأطفال والنّساء، ويُصفّي العُزّل من الرّجال أو يعتقلهم.
جريمة جديدة تُضاف الى سلسلة جرائم الاحتلال الّتي ترفض المحكمة الدولية ببساطة أن تنظر فيها!
المحكمة الدولية تملك إمكانية فرض وقف إطلاق النّار في غزّة منذ اليوم الأوّل لـ “طوفان الأقصى”، تماماً كما دعت سابقاً روسيا في الـ 2022 الى “تعليق العمليّات العسكريّة فوراً”. لكنّ “الفور” الذي يسري على روسيا لا يبدو أنّه يسري على “إسرائيل”… والحُكم “العادل” بحقّ أوكرانيا لا يبدو أنّه يسري على الفلسطينيين!
وفي سياقٍ مُرتبط، أعلن مكتب رئيس حكومة العدو نتنياهو أنّ “إسرائيل” لا تعترف بشرعية النقاش في المحكمة الدولية في لاهاي بشأن الاحتلال! مع أنّ المحكمة أعلنت عن أنّ 52 دولة ستقدّم مرافعات بملف سياسات إسرائيل في أراضي1967.
وهنا لا بُدّ من التذكير بأنّ الكيان الإسرائيلي هو عضو الأمم المتحدة الوحيد الذي أُنشئ بقرار من المنظّمة الأمميّة.
من جهتها، قرّرت جنوب أفريقيا محاكمة مواطنيها الذين يقاتلون أو يشاركون في الحرب ضمن جيش الاحتلال.
المفارقة أنّ جنوب أفريقيا دولةٌ خبرت معاني الاحتلال، تماماً كلُبنان. فكيف لموقفها أن يكون متقدّماً الى هذا الحدّ عن محكمةٍ يرأسها لبنانيٌّ يعاني بلده أصلاً من احتلالٍ لجزء من أراضيه ويرزح تحت وطأة حربٍ في جنوبه؟ بين جنوب أفريقيا وجنوب لبنان واقعٌ مشترك فهمته الأولى جيّداً ورفض بعض اللبنانيين فهمه!