“استراتيجيّة الأمن القومي” الجديدة التي نشرتها الإدارة الأميركيّة تقول الكثير ممّا يدور في أروقة صنّاع القرار في واشنطن. والأهمّ ممّا يدور في عقليّة الرئيس ترامب، بكلّ ما يميّزه من عنجهيّة ونرجسيّة في رؤيته لنفسه وللنفوذ الأميركي في العالم، ولأميركا أكثر انغلاقًا على نفسها، من دون التخلّي عن نزعتها للهيمنة عالميًّا.
ينشر “المرفأ” أبرز ما جاء في الوثيقة الجديدة التي تمثّل على ما يبدو قطيعة مع النهج السائد منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية.
وتقول الوثيقة إنّه “يجب على الاستراتيجيّة أن تقيّم وتفرز وتضع الأولويّات. فلا يمكن لكلّ دولة أو منطقة أو قضيّة، مهما كانت نبيلة، أن تكون في صميم الاستراتيجيّة الاميركيّة. فالهدف من السياسة الخارجيّة هو حماية المصالح الوطنيّة الجوهريّة؛ وهذا هو الهدف الوحيد لهذه الاستراتيجيّة”.
– الاستراتيجيّات الأميركيّة منذ نهاية الحـ ـرب الباردة كانت غير كافية: فقد اقتصرت على قوائم طويلة من الأمنيات أو الأهداف المرغوبة، واستخدمت عبارات عامّة غامضة بدلًا من تحديد ما نريده بوضوح، وغالبًا ما أخطأت في تقييم ما ينبغي أن نريده.
– بعد نهاية الحرب الباردة، اقتنعت نخب السياسة الخارجيّة الأميركيّة بأنّ الهيمنة الدائمة للولايات المتّحدة على بقية العالم تخدم مصلحة بلادنا. ومع ذلك، فإنّ شؤون الدول الأخرى لا تعنينا إلّا إذا كانت أنشطتها تهدّد مصالحنا بشكل مباشر.
– لقد أخطأت نخبنا خطأً جسيمًا في تقدير استعداد الولايات المتّحدة لتحمّل مسؤوليات عالميّة إلى ما لا نهاية، وهي مسؤوليّات لم يكن الشعب الأميركي يراها مرتبطة بمصلحته الوطنيّة.
– بالغت (نخبنا) في تقدير قدرة الولايات المتّحدة على تمويل دولة رفاهيّة وتنظيم وإدارة ضخمة، وفي الوقت ذاته مجمعًا عسكريًّا ودبلوماسيًّا واستخباراتيًّا ومساعدات خارجيّة ضخمًا بالقدر نفسه. واختارت بشكل خاطئ ومدمّر الرهان على العولمة وما يسمّى “التجارة الحرّة”، وهو ما أفرغ الطبقة الوسطى والقاعدة الصناعيّة التي ترتكز عليها الهيمنة الاقتصاديّة والعسكريّة الأميركيّة من مضمونها.
– سمحت (نخبنا) لحلفائها وشركائها بتحميل الشعب الأميركي تكلفة دفاعهم، وأحيانًا جرّونا إلى صراعات وخلافات تمسّ مصالحهم في الصميم بينما تكون هامشيّة أو غير مرتبطة بمصالحنا.
– (نخبنا) ربطت السياسة الأميركيّة بشبكة من المؤسّسات الدوليّة، بعضها مدفوع بمعاداة أميركيّة صريحة، والعديد منها تحرّكه نزعة عابرة للحدود تسعى صراحةً إلى إذابة سيادة الدول الفرديّة.








