الاحتلال الممنهج للمياه، ليس حوادث معزولة، ولا تفرّق إسرائيل بين نظام سقط أو نظام مهادن في دمشق، وبين نظام مسالم في عمان.
عندما قصف العدوّ منشآت مضخّات المياه في مشروع الوزاني في الجنوب اللبناني، شباط/فبراير الماضي، لم يكن هذا عملًا عسكريًّا بحتًا.
عندما احتلّ العدوّ هضبة الجولان السوريّة، كان يقبض أيضًا على “ورقة المياه”. من هناك، كان يُحكم السيطرة على موارد المياه لبلاد الشام، من خلال جبل الشيخ والجولان والقنيطرة ودرعا (حوض اليرموك) حيث تتدفّق من هذه المناطق روافد بانياس والحاصباني والدان لتصبّ في نهر الأردن، الذي هو بمثابة العمود الفقري للحياة تاريخيًّا في سوريا والأردن وفلسطين.
ويسيطر العدوّ الآن على نحو 40% من الموارد المائيّة في جنوب سوريا، خصوصًا بعد السيطرة على السدود السوريّة مثل المنطرة والرويحنية وبريقة وكودنا، بالإضافة الى جزء كبير من الموارد المشتركة مع الأردن. شركة “ميكوروت” الإسرائيليّة للمياه، تتباهى الآن بأنّ الكيان الإسرائيلي بإمكانه أن يتحوّل إلى مورد للمياه للسوريين مستقبلًا.
بالأمس، سرّب الإسرائيليّون عبر إعلامهم، أنّهم يعتزمون التوقّف عن تسليم حصّة المياه السنويّة المتّفق عليها مع الأردن. هذه ليست المرّة الأولى. بعد أسابيع قليلة على “طوفان الأقصى”، سرّب الإسرائيليّون تهديدًا مبطّنًا بشكل مشابه بسبب استيائهم من مواقف مسؤولي الحكومة الأردنيّة من الإبـ ـادة الجارية في غزّة.
ويزوّد الكيان الاحتلالي الأردن بنحو 50 مليون متر مكعّب من المياه، منصوص عليها في “اتفاق وادي عربة” الموقّع العام 1994. وخطوة كهذه، ستشكّل خرقًا لبند أساسي في الاتفاق، وقد تكون محاولة ابتزاز إسرائيلي للأردنيّين الذين يعيشون عند مستوى بين الأكثر فقرًا مائيًّا في العالم، وهو ابتزاز يساهم في زعزعة استقرار المملكة سياسيًّا واجتماعيًّا.
ولا يزال أمام الأردنيّين نحو 4 أعوام، قبل بدء الاستفادة من مشروع “الناقل الوطني” بكلفة نحو 6 مليارات دولار والذي يتضمّن تحلية مياه البحر ونقلها من خليج العقبة أقصى الجنوب على البحر الأحمر إلى محافظات المملكة، لتأمين أكثر من 300 مليون متر مكعّب من مياه الشرب سنويًّا.
يحدث هذا مع دولة احتفى العالم بـ”سلام” إسرائيل معها، منذ 3 عقود.








