قال مصدر دبلوماسي عربي لـ”المرفأ” إنّ تركيا التي ساهمت في هندسة ودعم جبهة النصرة في إسقاط النظام السوري، صارت للمفارقة أكثر طرف إقليمي، لا مصلحة ملحّة له الآن، في إشراك أطراف خارجيّة أخرى في تقاسم الكعكة السوريّة.
وبحسب تقرير للبنك الدولي، فإنّ إعادة إعمار سوريا وعمليّة التعافي، تتطلّب حصول استجابة دوليّة منسّقة، وهو ما يعني فعليًّا الحاجة إلى تحرّك على مستوى الدول الكبرى والمؤسّسات المانحة والعواصم الإقليميّة الأخرى المعنيّة بالمشهد السوري الحالي، بما في ذلك تأمين مصالح شركات هذه الدول في المناقصات والاتفاقات الممكنة مع سلطة أحمد الشرع/الجولاني.
والقضيّة، بحسب المصدر الدبلوماسي العربي، لا تتعلّق بمجموعة من الفرص الاستثماريّة المحدودة، إذ إنّ تقديرات البنك الدولي تتحدّث عن حاجة سوريا إلى 216 مليار دولار، تخصّص للبنى التحتيّة الأساسيّة كالطرقات وشبكات الكهرباء والمياه والمباني السكنيّة والمباني غير السكنيّة كالمؤسّسات والمدارس والمستشفيات والمنشآت العامّة الأخرى.
وأوضح المصدر الدبلوماسي أنّ تركيا التي باتت اللاعب الأبرز على الساحة السوريّة، تدرك أنّها في موقع أفضل من غيرها من الدول، ومن خلال استغلال علاقتها الوثيقة بالسلطة السوريّة المؤقّتة، للاستفادة من الملفّ السوري لإعادة الإعمار، حيث إنّها باشرت بالفعل منذ الأسابيع الأولى لسيطرة جماعة الشرع/الجولاني على البلاد، في إبرام تفاهمات واتفاقات في مجالات عدّة، لتسبق غيرها من الدول المنافسة المحتملة.
وبالإضافة إلى حضورها العسكري المباشر على الأرض السوريّة، فإنّ أنقرة دخلت بالفعل إلى القطاع العسكري السوري من خلال اتفاقات تسليح وتدريب، وهي تدرك أنّ شركاتها في موقف تنافسي لا مثيل له للدخول إلى قطاعات اقتصاديّة سوريّة عديدة خصوصًا في ظلّ افتقار سلطة دمشق إلى الأموال اللازمة للإعمار.
ويلاحظ المصدر العربي الموقف المتشدّد الذي تتخذّه أنقرة في ملفّ تفاوض سلطة الجولاني مع سلطات “قسد” التي يقودها الأكراد، ولهذا تتعثّر المفاوضات بين الطرفين برغم أنّها تجري برعاية أميركيّة وفرنسيّة مباشرة. إنّ مثل هذا التعثّر (في الملفّ الكردي إلى جانب قضيّة السويداء وغيرها من الملفّات الأمنيّة)، لا يمكن أن يؤمّن مناخًا آمنًا لتشكيل تحرّك دولي حول قضيّة إعادة الإعمار، ويوفّر لتركيا المزيد من الوقت والفرص، لترسيخ تمدّدها على حساب الشركات المنافسة على “الكعكة”.