القادة العرب مدعوّون إلى القمّة الروسيّة-العربيّة الأولى في 15 أكتوبر/تشرين الأوّل الحالي، ليكونوا بضيافة الرئيس فلاديمير بوتين. لكنّ التساؤل كبير، عمّا إذا كان العرب سيلبّون الدعوة بشكل كبير.
يتغيّب عادة نحو نصف القادة العرب، أو أكثر، عن قممهم العربيّة التي تعقد سنويًّا أو بشكل طارئ أو استثنائي، حتىّ لو كانت القضايا المطروحة ملحّة وحيويّة، ويوفدون من ينوب عنهم.
ولهذا، التساؤلات كبيرة عمّن سيذهب إلى موسكو، للقاء بوتين، للبحث في قضايا قد لا يعتبر العديد منهم أنّها خطيرة وتستدعي حضورهم مثل هذه القمّة، بينما بإمكان وزراء خارجيّتهم مثلًا، حضورها.
تحتاج روسيا إلى بناء علاقات اقتصاديّة مع دول العالم أكثر من أيّ وقت مضى، في ظلّ الحرب الأوكرانية، وتصاعد العقوبات عليها من جانب أوروبا والولايات المتّحدة، وهي تراهن دائمًا على فتح منافذ جديدة للتبادل التجاري، بما في ذلك مع العالم العربي حيث تتصدّر مصر والإمارات والسعودية والجزائر قائمة الشركاء التجاريين الرئيسيين لروسيا في العالم العربي.
وفي حين أنّ حجم العلاقات التجارية العربية مع روسيا محدود، ويقدّر بنحو 20 مليار دولار، فإنّ بوتين راقب بلا شكّ كيف أنّ جولة دونالد ترامب الخليجية التي شملت السعودية وقطر والإمارات، خرج منها بصفقات وتعهّدات استثمارية قدّرت بنحو 3 تريليون دولار. وهذا تفاوت هائل.
وبرغم أنّ العرب يحتاجون إلى روسيا أيضًا، خصوصًا أنّ موسكو بدت دائمًا أكثر قربًا إلى العرب من الولايات المتّحدة، مثلما أظهرته “حرب غزّة”، إلّا أنّ السخاء الاقتصادي، يبدو دائمًا لصالح واشنطن، لا موسكو، وأنّ “بيض مصالح” الحكومات العربية يفضّل أن يكون في “سلّة ترامب” وليس “سلّة بوتين”.
ورغم إظهار بعض الدول العربية رغبة في “تنويع” علاقاتها الخارجيّة (باتجاه روسيا والصين) حتّى في مجالات التعاون العسكري أحيانًا، إلّا أنّ العديد من الزعماء العرب، سيفضّلون تجنّب مجالسة بوتين جماعيًّا، في لحظة الاستقطاب الدولي هذه والعداء الغربي لموسكو وزعيمها، وغالب الظن أنّ كثيرين، سيتذرّعون بانشغالاتهم الاستراتيجيّة الكبرى، وانكبابهم على معالجة “حرب غزّة”، لكي يتجنّبوا التواجد في موسكو الآن والتي لم يجمعوا على محبّتهم لها، لا عندما كانت قيصريّة ولا سوفياتيّة ولا بوتينيّة.