عن “اعتذار” ليس اعتذارًا

من أجل وضع النقاط على الحروف، لا بدّ من القول إنّ بنيامين نتنياهو، وبرغم الضجّة الواسعة التي تلت موقفه في البيت الابيض، لم يعتذر فعليًّا.

بيان نتنياهو بعد لقائه دونالد ترامب والاتصال الثلاثي مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمّد بن عبد الرحمن آل ثاني، كان واضحًا: “أريدك أن تعلم أنّ إسرائيل “regrets” (تأسف) بأنّ أحد مواطنيكم قُتل في هجومنا.. أريد أن أؤكّد لك بأنّ إسرائيل كانت تستهدف حمـ ـاس، وليس القطريّين”.

لا اعتذار هنا. هناك كلمة “تأسّف”. وأيضًا الإعراب عن الاسف هنا جاء لأنّ مواطنًا قطريًّا قُتل في الغارة الجوّيّة على الدوحة، وهو ما يعني أنّ الإعراب عن الأسف لا يتعلّق بالعـ ـدوان نفسه، وإنّما بأنّ قطريًّا قُتل عرضيا.

المؤسف فعليًّا هنا، أنّ بيان وزارة الخارجيّة القطريّة الرسمي يتحدّث في المقابل، عن أنّ “رئيس وزراء إسرائيل قدّم خلال الاتصال (الثلاثي) اعتذاره عن الهجوم وانتهاك السيادة القطريّة، ما أسفر عن استشـ ـهاد المواطن القطري بدر الدوسري، متعهّدًا بعدم تكرار أيّ استهداف لأراضي دولة قطر في المستقبل”.

المؤسف فعليًّا، أن تطمئنّ قطر إلى أنّ نتنياهو قال إنّه “تعهّد” للرئيس ترامب، بأنّ إسرائيل لا تخطّط لانتهاك سيادة قطر مرّة أخرى في المستقبل. كما أنّ نتنياهو كان من الوقاحة، بعد جـ ـريمته في الدوحة، أن أعاد القول لرئيس الوزراء القطري أنّ “لدى إسرائيل شكاوى ضد قطر، بدءًا من دعمها لجماعة الإخوان المسلمين وصولًا إلى كيفيّة تصوير إسرائيل على قناة الجزيرة ودعم المشاعر المعادية لإسرائيل في الجامعات”.

وما يبعث على الأسف فعليًّا أيضًا، أنّ قناة “الجزيرة” هلّلت لموقف نتنياهو واصفةً إيّاه بأنّه “اعتذار”، وأنّ محلّليها ومراسليها علّقوا على موقف نتنياهو باعتبار أنّه “نادر” الحدوث.

لكنّ الواقع ربما يكون كما وصفه المحلّل الإسرائيلي يوسي ميلمان في “هآرتس” عندما تناول نتنياهو قائلًا إنّه “‏بطل الإخفاقات والاعتذارات. أجبر ترامب نتنياهو، بحضوره، على الاعتذار لرئيس وزراء قطر عن مهاجمة الدوحة. وأجبر (الرئيس الأسبق) أوباما نتنياهو على الاعتذار لأردوغان عن أسطول الحرّيّة العام 2010، وفي العام 1997 اعتذر نتنياهو للملك حسين عن محاولة اغتـ ـيال خالد مشعل الفاشلة في الأردن. يُقرّ بيبي العمليّات المشبوهة، ثمّ يعتذر عند فشلها”.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top