“فوبيا” أميركا: الصين تشتري أراضينا

هي ثالث أكبر دول العالم مساحة، حيث تبلع 9.8 مليون كيلومتر مربّع، لكن في إطار تزايد نزعتها للانعزال نحو الداخل، والـ”فوبيا” من العالم الخارجي التي يعزّزها دونالد ترامب، تخوض الولايات المتّحدة حـ ـربًا لا يتابعها كثيرون حول العالم.

خلال عهد جو بايدن، بدأت حملة تهويل متجدّدة إزاء “الخطر الصيني”، تحمل هذه المرة عنوان “الأمن الغذائي”، وقد اتخذت منحى سريعًا الآن في ظلّ حكم ترامب الذي يعمد إلى تعزيز “الحمائيّة” ويخوض حـ ـربًا تجاريّة مع غالبيّة دول العالم، تارة باسم تصحيح الخلل التجاري حتّى مع “دول حليفة”، وتارة أخرى لأهداف من بينها إخضاع أنظمة وحكومات غير صديقة.

وزيرة الزراعة الأميركية بروك رولينز كانت أعلنت بدء التصدّي لشركات ومستثمرين وصفهم بأنّهم من “الخصوم الأجانب” الذين “يشترون أراضينا الزراعية ويسرقون أبحاثنا، ويخلقون ثغرات خطيرة في الأنظمة التي تدعمنا”، بينما قال وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث إنّ “ملكيّة الأجانب للأراضي القريبة من القواعد الإستراتيجيّة والمنشآت العسكريّة الأميركيّة تُشكّل تهديدًا خطيرًا لأمننا القومي”.

يروَّج أميركيًّا، بما في ذلك داخل الكونغرس، بأنّ عمليّات الشراء الصينيّة للأراضي الزراعيّة في أميركا تمسّ الأمن الغذائي، وربما يتمّ استخدامها للتجسّس. وتعتزم واشنطن فرض إجراءات تجبر الشركات والمستثمرين المشبوهين، ببيع الأراضي الاميركية التي بحوزتهم.

المفاجأة أنّ الأرقام الرسميّة الأميركيّة تتحدّث عن أنّ الجهات الصينيّة تمتلك 277 ألفا و336 فدانًا من الأراضي الزراعية الأميركيّة، أي ما يقلّ قليلًا عن 1% من إجمالي الأراضي المملوكة لجهات وشركات أجنبيّة، وتركّزت المشتريات الصينية في تكساس، ونورث كارولينا، وميزوري، ويوتا، وفلوريدا.

الرقم الصيني أكثر وضوحًا ودقة: المستثمرون الصينيون يمتلكون أقلّ من 0.03% من الأراضي الزراعية الأميركية، فمن أين يأتي ادعاء “تهديد الأمن الغذائي الأميركي أصلًا؟!”.

في ظلّ الحـ ـرب التجاريّة والرسوم الجمركية المتبادلة بين الطرفين، فإنّ هذه المعركة حول الأراضي الزراعيّة، وخسارة القطاع الزراعي الأميركي مليارات الدولارات، تنذر ليس فقط بانعزاليّة أميركيّة متصاعدة والرهبة من الأجانب، وإنّما أيضًا بتفاقم الاشتباك بين أكبر اقتصادين في العالم

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top