من أجل فهم أوسع للمشهد السوري، هناك إشارة لا يمكن تجاهلها.
المعلومات عن رفض “الأمن العام السوري” منح وفد قيادي من “الجماعة الإسلاميّة” في لبنان برئاسة الأمين العام محمّد طقوش، الإذن بزيارة سوريا للقاء مفتي سوريا أسامة الرفاعي ووزير الأوقاف محمد أبو الخير شكري، بعد رفض آخر من القصر الرئاسي لتحديد موعد لوفد الجماعة للقاء الرئيس أحمد الشرع/الجولاني أو وزير خارجيّته أسعد الشيباني، تقول الكثير.
هناك نأي بالنفس من جانب الجولانيين، عن فلسطين. الشواهد كثيرة خلال الشهور الماضية، و”الجماعة الإسلاميّة” في لبنان قدّمت تضحيات كبيرة إسنادًا لغزّة وفلسطين خلال العامين الماضيين، ولها تاريخ طويل من العداء للاحتـ ـلال منذ سنوات الغزو في الثمانينيّات.
و”الجماعة” لا تكنّ الخصومة لنظام الشرع، ولم يظهر ذلك في أدبيّاتها ولا في خطابات قياداتها خلال الفترة الماضية، ولا هي منتمية إلى ما يتحدّث عنه بعض الجولانيّين حول “المحور الإيراني” ولا إلى العقيدة الشيعيّة. ومع ذلك لا تجد ترحيبًا من جانب السلطة الجديدة في دمشق.
و”الجماعة” أيضًا مرتبطة بحركة “الإخوان المسلمين” التي تنتمي إليها حركة حمـ ـاس أيضًا، والشرع/الجولاني لا يريد في إطار لإعادة تموضعه والتملّص من ماضيه، أيّ ارتباط واضح له بالحركة المرفوضة خليجيًّا وأميركيًّا وإسرائيليًّا وأوروبيًّا.
ألم يتحدّث الشرع/الجولاني مؤخّرًا إلى وفد إعلامي عربي، خالعًا ثياب الماضي، ومثيرًا ألف علامة تعجّب عند المراقبين، عندما قال “أنا لست امتدادًا للأحزاب الإسلاميّة ولا التنظيمات الجهـ ـاديّة ولست امتدادًا للإخوان المسلمين ولا الربيع العربي”؟
وبخلاف سياساته المتخبّطة داخليًّا والاقتلاعيّة أحيانًا كثيرة، يريد الشرع/الجولاني أن تكون رسالته إلى الإقليم والخارج، بأنّ أوراق اعتماده في السياسة الخارجيّة، جاهزة ويقوم بتنقيحها تباعًا.