كيديّة “القوّات”: “أبو قتادة” في جونية!

تصوّر “القوّات” الأحداث من منظور ضيّق. الشهور والأيّام الماضية حافلة بتصريحات ومواقف لشارل جبور وسمير جعجع، تتعاطى مع المشهد الإقليمي، وخصوصًا الأحداث الدمويّة في سوريا، من منظار لبناني كيدي بحت.

حسابات الخصومة –والعداء أحيانًا- مع المقـ ـاومة، تفقد “القوّات” القدرة على فهم التطوّرات والمخاطر واتخاذ مواقف متّزنة بناء على ذلك، فتظهر تخبطاتها بشكل مخجل أحيانًا.

“الغزل” القوّاتي المتسرّع بالحكّام الجدد في دمشق من الجولانيّين وزمرتهم المتطرّفة، وإسقاط رؤيتهم هذه على الواقع اللبناني، ومعادلات الخصومة والنكايات السياسيّة المحلّيّة، يقود جزءًا من الشارع المسيحي إلى أوهام مؤذية.. وضلال.

تحويل الجولانيّين وأزلامهم من المتطرّفين المتفلّتين من أيّة قيود في انتهاك وإهانة واحتقار كلّ من لا يشببهم، بما في ذلك المسيحيّين والدروز والعلويّين والأكراد والشيعة، إلى “رفاق” وتصوريهم كأنّهم “حلفاء” للمسيحيّين في لبنان، تضليل ما بعده تضليل.

جعجع وجبّور يدركان تمامًا ماذا فعل الجولانيّون والدواعـ ـش والقاعدة والتشكيلات الإرهـ ـابية المتعدّدة، بالمسيحيّين في العراق وسوريا. لن نعود 100 عام لاسترجاع الجـ ـرائم، إذ تكفي العودة إلى السنوات الأخيرة، للتذكير بالتفجيرات وحرق الكنائس والهجمات الانتحـ ـاريّة ضدّ المصلّين المسيحيّين والخطف والسبي، والتي دفعت مئات الآلاف من المسيحيّين إلى مغادرة العراق وسوريا نهائيًّا نحو المنافي.

الكيديّة اللبنانيّة الساذجة، تخلق مفهومًا مميتًا بين بعض قيادات الشارع المسيحي في لبنان. اسألوا إخوانكم في الدين في كلّ من العراق وسوريا عمّا جرى ويجري. وأوروبا التي كانت فيما مضى تقدّم نفسها كـ”حامية” لمسيحيّي الشرق الأوسط، لم تعدّ أوروبا تلك، ولا هي بنفس القدر من القوّة والاحترام والنفوذ (راجع صورة دونالد ترامب في مكتبه البيضاوي قبل يومين وهو “يحاضر” بقادة أوروبّا كالتلاميذ).

لكنّ إيهام مسيحيّي لبنان بجمال ووداعة صورة الذبّـ ـاحين الجولاني والشيباني وأبو قصرة وأبو قتادة وأبو البراء، وهم يستجمّون (مثلما ألمح توم برّاك مؤخّرًا) على شواطئ جبيل والبترون وفي ملاهي جونية برفقة جعجع وجبّور، يجب أن يصنّف كفيلم من أفلام الرعب والخيال العلمي الهوليووديّة.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top