ما انتهكته، وتنتهكه، اسرائيل في لبنان، وفي جنوبه تحديدا، لا حصر له. الجرائم بالالاف، وحتى اساس استمرار وجودها في النقاط ال5 والشريط الاحمر الذي رسمته اليوم لاهالي شبعا، داخل الارض اللبنانية كمنطقة محظورة ممنوع الاقتراب منها، تمثل مساسا بأمن لبنان واللبنانيين واستقرار الامن الاقليمي.
ومع ذلك، هناك انتهاك خاص، لا يلفت النظر اليه كثيرا، لا من “حكومة حصر السلاح” ولا النشطاء السياسيين والاجتماعيين والقانونيين: الترهيب الاجتماعي.
طائرات “الدرونز” التي سمح لها التواطؤ الاميركي بحرية العمل جنوب الليطاني وشماله، تمارس ترهيبا يوميا. وبخلاف عمليات الاغتيال، فانها تستخدم لترهيب مجتمع العائدين الى قراهم ومناطقهم، وخصوصا النساء اللواتي يمثل وجودهن هناك تعبيرا فعليا عن التسمك بالارض، لان المرأة العائدة هي رمز لعودة الحياة وأفراد العائلة الاخرين الى المناطق المنكوبة.
“الدرونز” فوق رؤوس بيوتات النساء وشرفاتهن وحركتهن، وازيزها الحاد يطغى على أي صوت آخر. ينص القانون الدولي الانساني (اتفاقيات جنيف) خلال اوقات النزاع، على عدم جواز انتهاك حرمة المدنيين وخصوصيتهم ومساكنهم أو تعريضهم للإذلال مثل التصوير غير القانوني.
والقصص عديدة ومتكررة وقد تبدو للبعض من نسج الخيال والأمثلة على ذلك كثيرة. “الدرون” يستفسر من سيدة على شرفة منزلها عن سبب عدم شربها لقهوتها الصباحية المعتادة؛ وأخرى تأمر سيدة بفتح حقيبتها لتصويرها؛ واخرى تحلق فوق نساء عاملات في ارضهن بالقربب من منازلن او على شرفاتها؛ ونساء صرن يتجنبن الحركة بحرية في مناطقهن؛ وأخريات منعن من الوصول الى ركام منازلهن ورفات ابنائهن في قرى الحافة الامامية.
صحيح أن إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل القرارات الدولية وتتجاوز بوحشيتها كل القوانين والأعراف، لكن ما تفعله هنا لم يعد يعكس مهمات جمع المعلومات الإستخباراتية.. هذا انتهاك ممنهج لخصوصيات المرأة وبث للخوف بهدف اخضاعها وإجبارها على تقبل ممارسات الإحتلال كأمر واقع وقبولها بفكرة أنها مراقبة على مدار السنة وأن ثمة من يشاركها يومياتها في مطبخها وفي أحاديثها مع أحبائها وحتى … في مرافقتها إلى قبر ولدها الشهيد؟
هذا ترهيب اجتماعي، غير معلن.