منح رئيس كولومبيا غوستافو بيترو حـرب الجرائم الإسرائيلية في غزّة، معنى أكثر شموليّة: “غزّة ليست سوى مختبرًا للأثرياء لإظهار كيف يجب الردّ على أيّ تمرّد للبشريّة. هم يخطّطون لقصفنا جميعًا، ونحن في الجنوب نعلم ذلك”.
يدرك هذا الرئيس اليساري، المعروف بمواقفه المناهضة للاحـ ـتلال والصهـ ـيونيّة حتّى قبل تولّيه الرئاسة، معنى هذا الكلام تمامًا، لا بسبب اتساع معرفته بمعاناة الفلسطينيّين فقط، وإنّما أيضًا لأنّ بلاده عانت الأمرّين من السطوة الأميركيّة طوال عقود.
فكرة أنّ غزّة هي مختبر لقمع تمرّد البشريّة، قيلت أمام رؤساء وممثّلين عن نحو 30 دولة خلال مؤتمر “مجموعة لاهاي” لدعم فلسطين الذي احتضنته العاصمة الكولومبيّة بوغوتا. من العرب لم يأتِ سوى العراق ولبنان وسلطنة عمان والجزائر وليبيا. ومن الجنوب العالمي حضرت بوليفيا، وكولومبيا، وكوبا، وإندونيسيا، وماليزيا، وناميبيا، ونيكاراغوا، وسانت فنسنت-الغرينادين، والبرازيل وجنوب أفريقيا، وذلك الى جانب 5 دول أوروبية هي إيرلندا وإسبانيا والنرويج وسلوفينيا والبرتغال، بالإضافة إلى تركيا.
12 دولة من هذه الدول، وقّعت على البيان الختامي (لبنان ليس بينها)، الذي يفرض عقوبات على إسرائيل، وهي خطوات غير مسبوقة، ومن أبرز الإجراءات المتّخذة:
– وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل
– منع مرور السفن المحمّلة بها عبر موانئ هذه الدول
– مراجعة شاملة للصفقات الحكوميّة لمنع أيّ دعم ماليّ أو مؤسّسيّ للاحتـ ـلال
– تسهيل التحقيقات الدولية في الجرائم المرتكبة في غزّة
ولم تعلن الدول الأوروبية الخمس الحاضرة دعمها للإجراءات العقابيّة، لكنّها تركت الباب مفتوحًا أمام انضمامها لهذه الإجراءات قبل 20 سبتمبر/أيلول، موعد انعقاد الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة.
يريد عالم الأثرياء في الشمال أن يلقّن شعوب الجنوب، ممثّلة بغزّة، درسًا بألّا يتمرّد على السطوة العالميّة، ومن يتمنّع فمصيره كغزّة. هذه رسالة قويّة من الرئيس الكولومبي الذي كان قد قطع علاقات بلاده مع “إسرائيل”، وعلّق صفقات شراء الأسلحة منها، وأوقف شحن الفحم الكولومبي إلى الكيان، وانضمّ إلى دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، التي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعيّة.
“المنظور الوحشي يقتل مبدأ التعدّدية الذي يجمع الأمم.. وبإمكاننا التصدّي لعالم يسوده منطق القوّة على حساب القانون”.
هل يستحقّ رئيس كولومبيا كلمة “شكرًا”؟