مرحبا دولة…

محاولات التعامل مع نظام سلطة الشرع/الجولاني تصطدم بتحدّيات عديدة. لكنّ أكثرها وضوحًا ليست مرتبطة بانعدام الأمن، ولا “فلول الأسد” ولا “الخطر الإيراني” ولا حتّى الغزو الإسرائيلي بحسب منطق السلطة الحاكمة في دمشق الآن.

في خطابه الأخير الذي أعلن فيه عن وقف إطلاق النار وخطّة الحلّ في السويداء، راح أحمد الشرع/الجولاني يتباهى بالعشائر ودورهم وبطولاتهم على الرغم من أنّ مجموعات كبيرة منهم، شاركت في ارتكاب الجـ ـرائم والانتهاكات والقـ ـتل في السويداء.

حسنًا وقد يقول قائل إنّ الجولاني أشاد أيضًا بأبناء الطائفة الدرزية في محاولته تسويق الحلّ. لكنّه عندما تحدّث عن السويداء، وصف المقاتلين فيها بأنّهم “مجموعات خارجة على القانون”، في حين أنّ مقاتلي البدو “مبادئهم نبيلة تدفعهم للنفير ومساعدة المظلومين” وأنّه برغم مبادئهم “المشرّفة” هذه، فإنّ “بعض هذه المجموعات حاولت أن تدافع عن نفسها بشكل منفرد”!

لم يكتف الجولاني بذلك. مضى قائلًا إنّه “رغم تفهّمنا للدوافع الإنسانيّة خلف هذه المحاولات (من جانب عشائر البدو)، إلّا أنّه من المهمّ التأكيد على أنّ هذه التصرّفات لا يمكن أن تكون بديلًا عن دور الدولة في إدارة شؤون البلاد وبسط الأمن”.

ولمن لم يستوعب بعد، قال الجولاني “إنّنا إذ نشكر العشائر على مواقفها البطولية، إلّا أنّنا ندعوها إلى الالتزام التامّ بوقف إطلاق النار”!

هذه المسايرة الفاقعة لا تعكس منطق “رئيس دولة” يتحدّث عن صراع بين طرفين محلّيّين. هذا انحياز، وهذا نهج وعقلية حاكمة تشتري الولاء لها، بدم الآخرين.

في 29 نيسان/أبريل الماضي، أتحفت وزارة الداخليّة السوريّين ببيان لا يقلّ تخبّطًا، عندما اشتعلت أحداث جرمانا بسبب “الفويس” الشهير المجهول المصدر، حيث هبّت جماعات “تكفيريّة” مسلّحة تحت مسمّى “النفير” للتنكيل بأهل جرمانا من الدروز وغيرهم. الوزير “الجهادي” أنس خطاب قال حرفيًّا في بيانه “وإذ تعبّر وزارة الداخلية عن بالغ شكرها (شكرتهم نعم شكرتهم) وتقديرها للمواطنين الكرام على مشاعرهم الصادقة وغيرتهم الدينية دفاعًا عن مقام النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإنّها تشدّد على أهمّيّة الالتزام بالنظام العامّ وعدم الانجرار إلى تصرّفات فرديّة أو جماعيّة”.

هذه عقليّة فصائلية لا تبدو السلطة قادرة على الفكاك منها، وربّما لا تريد أساسًا الخروج منها.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top