منح الإذن الأميركي لسلطة أحمد الشرع/الجولاني بدمج آلاف المسلّحين الأجانب في الجيش السوري، يحمل مخاطر وتساؤلات كثيرة.
ففي الوقت الذي جرى فيه إعـ ـدام او استئصال آلاف الضبّاط والجنود السابقين، بحجّة ولائهم لـ”النظام المخلوع”، فقد تبعها إجراءات لمصادرة أملاكهم وقطع رواتبهم وتعويضاتهم، بحجج مختلفة من بينها أنّ أملاكهم تعود ملكيّتها للدولة، وهو ما يعكس مخطّطًا واضحًا لتدمير الهيكليّة العسكريّة والأمنيّة التي كانت قائمة، واستبدالها بفصائل وأجهزة وكيانات، إمّا تابعة بالكامل لـ”هيـ ـئة تحـ ـرير الشام” أو مقرّبة ومتحالفة معها، على غرار الوضع الذي كان قائمًا في إدلب، ويشار إليه من قبل الحكّام الجدد في دمشق، على أنّه النموذج الصالح الذي برهن على فعاليّته.
وخلال الشهور السبعة الماضية، كانت التحفّظات الغربيّة واضحة إزاء “أدلبة” سوريا الجديدة، وخصوصًا فكرة منح المقاتلين المتطرّفين، وبينهم آلاف الأجانب، اليد العليا في السلطة الجديدة، خصوصًا في القطاع العسكري، لدرجة أنّه جرى الحديث عن شروط أميركيّة –وغربيّة، قُدّمت للجولاني، تحذّر من مغبة تجنيد المتطرّفين في المؤسّسة العسكرية.
لكنّ وسائل الإعلام التي ساهمت في تبييض صفحة الجولاني، راحت تسّوق خلال الأسابيع الماضية، فكرتين أساسيّتين: أنّ الجولاني “مديون” للمقاتلين الأجانب ولا يمكنه أن يخذلهم بعدما ساهموا في إسقاط النظام؛ وثانيًا أنّه سيكون من الأسلم دمجهم في الدولة الجديدة حتّى لا يلتحقوا بتنظيم القـ ـاعدة أو داعـ ـش!
ولهذا لم يكن مفاجئًا تصريح المبعوث الأميركي توامس باراك، ما أن تولّى منصبه، بأنّ واشنطن “موافقة” على خطّة القيادة السورية بالسماح بتجنيد آلاف المقاتلين الأجانب (يقدّر عددهم بأكثر من 3500) في الجيش.
الايغوري الصيني المتطرّف بدلًا من الجندي السوري. لماذا “تطرّف” الايغوري، يمكن التعايش معه، لكنّ السوري ولو كان جنديًّا سابقًا، يجب اقتلاعه؟ لماذا يمكن لواشنطن أن تحدّد ما هو “المناسب” للسوريين؟ لماذا على دمشق أن تجنّسهم؟ لماذا عليها أن تجنّدهم في الجيش؟ لماذا مثلًا لم توظّفهم في مؤسّسات أخرى غير الجيش؟ ما الذي يجيز لواشنطن أن تكرّر دمشقيًّا، لعب “ورقة صناعة الإرهـ ـاب”، مثلما فعلت في كابول في الثمانينيّات؟ وتفخيخ برميل البارود الإقليمي إلى أن يحين تفجيره مجدّدًا؟