لم تنشر إدارة الجمارك اللبنانيّة بيانات الاستيراد والتصدير طوال العام 2024، ممّا يترك فجوة كبيرة في فهم الواقع التجاري والاقتصادي للبلاد. ومع ذلك، تُظهر الأرقام الرسميّة للسنوات السابقة منحىً مقلقًا في حجم الاستيراد كنسبة من الناتج المحلّي الإجمالي، ما يسلّط الضوء على اختلالات خطيرة في الاقتصاد اللبناني.
ففي حين كان الاستيراد يشكّل نحو ثلث الاقتصاد المحلّي، وهي نسبة مرتفعة بالأساس مقارنة بدول أخرى، شهد هذا المعدّل تضخّمًا حادًا منذ عام 2021. فقد بلغ حجم الاستيراد نسبة 91% من الناتج المحلّي الإجمالي في عام 2022، قبل أن ينخفض بشكل طفيف إلى 87.1% في عام 2023، وفقًا للبيانات الرسميّة المتاحة. بمعنى آخر، بات الإنفاق على الاستيراد يوازي تقريبًا مجمل ما ينتجه المقيمون في لبنان، ما يعكس اعتمادًا مفرطًا على السلع المستوردة مقابل تراجع الإنتاج المحلّي.
هذا الاختلال يثير تساؤلات حول قدرة الاقتصاد اللبناني على تحقيق التوازن، في ظلّ استمرار أزمة شحّ العملات الأجنبيّة، وغياب رؤية واضحة للحدّ من الاستيراد غير الضروري، وتشجيع الإنتاج المحلّي. كما أنّ عدم نشر بيانات 2024 يزيد من الضبابيّة المحيطة بالوضع الاقتصادي، ويحدّ من إمكانيّة وضع سياسات مبنيّة على معطيات دقيقة.
في غياب أيّ مؤشرات على تغيير هذا المسار، يبقى السؤال مطروحًا: هل يستطيع لبنان تقليص اعتماده على الاستيراد وإعادة إحياء إنتاجه المحلّي، أم أنّ الاقتصاد سيظلّ رهينة الخارج؟