حواجز بالجملة: تكثيف الحواجز العسكريّة بعد الطوفان

تسيطر “إسرائيل” على الضفّة الغربيّة كسجن كبير من خلال الحواجز العسكريّة المقامة بين المدن الرئيسيّة وبين القرى داخل المحافظة الواحدة، ما يجعل عمليّة التنقّل من شمال الضفّة حتّى جنوبها مرورًا بالوسط عمليّة طويلة تمرّ عبر التفتيش والاحتجاز فترات زمنيّة طويلة. إلّا أنّه بعد حرب طوفان الأقصى لم تكتفِ “إسرائيل” بما هو موجود من حواجز كأدوات أمنيّة تعرقل حياة الفلسطينيّين اليوميّة، وخوفًا من تكرار سيناريو السابع من أكتوبر في مستوطنات الضفّة الغربيّة تمّ تكثيف عدد الحواجز في الضفّة وتحويلها إلى ثكنة عسكريّة كبيرة.

فحسب آخر إحصائيّة لهيئة الجدار والاستيطان في يوم الأرض من هذا العامّ تمّ رصد 844 حاجزًا وبوّابة حديديّة على مداخل القرى الفلسطينيّة وبين المدن في المحافظات. تنقسم أشكال الحواجز الأمنيّة الإسرائيليّة إلى عدّة أشكال، فمنها: بوابّات حديديّة يتمّ وضعها على مداخل القرى والمدن، أو مكعّبات إسمنتيّة يتمّ وضعها إمّا على المداخل أو في الطرق الفرعيّة، أو حواجز طيّارة يتم نصبها مؤقّتًا بهدف الاعتقال أو عرقلة حركة الممرور وقد يتمّ نصبها في أيّ مكان بالطريق. أمّا الحواجز المركزيّة التي كانت قبل الحرب فهي تكون مقامة على مساحة واسعة وهي ثابتة وتشكّل “معبرًا” للدخول للمنطقة الجغرافيّة التي يعزلها الحاجز، مثل حاجز الكونتينر الذي يفصل جنوب الضفّة عن وسطها، وحاجزَي حزما وقلنديا العسكريين اللذين يفصلان مدينة القدس عن الضفّة الغربيّة ومحيطها من القرى المحاذية لها.

إنّ جميع أشكال الحواجز التي تمّ ذكرها باستثناء الحاجز الطيّار تكون محاطة بكاميرات مراقبة وجنود عسكريّين ومسؤولين عن الحاجز، فكلّ حاجز سواء كان مكعّبًا إسمنتيًّا أو بوّابة، يكون محاطًا ببرج مراقبة عسكريّ إسرائيليّ، وذلك لأنّ التجمّعات الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة محاصرة بالمستوطنات والبؤر الاستيطانيّة، ممّا يفرز أداوت حماية لها بالإضافة لهدف التنكيل وضبط الفلسطينيّين، وهي الحواجز والأبراج العسكرية.

بعد الطوفان لم تعد هذه الحواجز فقط أدوات ضبط تدفّق ومسار حركة الفلسطينيّين في حياتهم اليوميّة، بل أصبحت عبارة عن نقاط الموت المجهول، إذ ازدادت عمليّات التفتيش عليها والاحتجاز لساعات طويلة وقتل الفلسطينيّين بحجّة أنّهم يشكّلون خطرًا أمنيًّا، وهذا يعود لسياسة “طهارة السلاح”، أي أنّ الجنديّ الإسرائيليّ له حقّ إطلاق النار إذا ما شعر بخطر من قبل الفلسطينيّ بدون تفكير أو حساب. وحوّلت الحواجز الحياة بالضفّة لجحيم يوميّ معاش، فالمسافة التي كانت تستغرق نصف ساعة من القرية للمدينة أصبحت تستغرق ما يزيد عن 4 و5 ساعات، أمّا بين المدن في المحافظات فأصبحت تستغرق يومًا كاملًا، وهو ما يتعدّى مسافة ووقت السفر من الضفّة الغربية نحو الأردن.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top