لو قدّر للشاعر الفلسطيني الشهـ ـيد عبد الرحمن محمود، أن يكون حاضرًا في ختام “حرب غزّة”، لكان ردّد قصيدته الشهيرة التي قال فيها
فإمّــا حيــاة تســرّ الصــديق..
وإمّــا ممــات يغيــظ العــدى
ستتباين القراءات كثيرًا حول خطّة وقف الحرب، والحرب نفسها، ودوافع دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، والعرب، لتحقيق ما أُنجز في شرم الشيخ فجر اليوم، ولماذا ذهبت حمـ ـاس وفصائل المقـ ـاومة إلى هذه التسوية، لكنّ المؤكّد أنّ الفلسطيني، محكوم منذ أكثر من 70 سنة، بأن يكون بليغًا وحكيمًا وشاعرًا وعنيدًا حتّى في موته أو بقائه، تمامًا كعبد الرحمن محمود الذي كان يكتب قصائده ويقاتل دفاعًا عن فلسطين، قُبيل نكبتها بالتمام، ويستـ ـشهد.
لا مكان لمزايدات على الفلسطيني، وقد قاتل بلحمه الحي طوال عامين، وشاهد عروسته اليتيمة غزّة، تحال إلى ركام، كما يراد لكلّ أحلامه وتطلّعاته. لا مكان لمزايدات يقال له فيها إنّك جلبت نكبة جديدة وأن تتمّ السخريّة من أيّامه المجيدة المجبولة بدماء ما لا يقلّ عن 300 ألف شهيد وجريح. أمام الموت والحصار-وخذلان غالبيّة الأشقّاء- لم يكن أمامه سوى بندقيّته مهما كانت مهترئة، كبندقيّة شاعرنا وهو يسقط متمتمًا ببيت شعر بينما يدافع عن قرية الشجرة.
سيراهن الفلسطيني الآن على وعود ترامب، وتعهّدات مصر وقطر وتركيا، والحاضنة الأوروبيّة التي اتسعت لفكرة “الدولة الفلسطينيّة”، ومئات ملايين الناس حول العالم الذي هتفوا، وغضبوا، وبكوا، ونادوا من أجل لا وقف “حرب السنتين”، وإنّما لرفع ظلم قائم منذ 100 سنة.
سيحتفي ترامب، المراهن على “نوبل السلام”، بخطاب أمام الكنيست الأحد؛ وسيمنح “الكابينت” الإسرائيلي موافقته على المرحلة الأولى من تفاهم شرم الشيخ عصر اليوم؛ وتبدأ قوّات الاحتلال بانسحابات أوّليّة غدًا الجمعة؛ ثم تبدأ المقـ ـاومة بإطلاق أسرى وجثامين لديها؛ ويقوم العدوّ بإطلاق سراح ألفي أسير بحلول الاثنين.
لكنّ الخوف، كلّ الخوف، من خبث العدو وغدره، بأن يعبث بمصير الفلسطينيّين في المرحلة الثانية من الاتفاق، أو بعدها، وأن يغريه “فائض القوّة” بتوسيع استخدامه على مساحة الإقليم كلّه.