في الأشهر التسعة الماضية، هرب المستوطنون من مناطق عدّة في الجليل المحتلّ إلى غوش دان، تاركين الأراضي المحتلّة هناك خوفًا من الصواريخ.
اليوم لم تُطلق المقاومة أيّ صاروخ تجاه حيفا، بل قامت بنشر فيديو مطوّل لبنك أهداف “لم تصرفه هي بعد”.
معلومات المرفأ تؤكّد أنّ التصوير لم يحصل اليوم، بل قبل أيّام وربّما أكثر، وهذا يدلّ على أنّ قيادة المقاومة لم ترد فقط إظهار “عضلاتها” وتطوّر قدراتها، بل إنّ هدفها الذي سُدّد اليوم كان الردّ على التهديدات التي اعتقد المبعوث الأميركيّ هاموس هوسكتاين أنّه أتى بها.
معلومات المرفأ تؤكّد أنّ هوكستاين التقى أكثر من شخصيّة بعيدًا عن الإعلام، غير ما نُشر من لقاءات رسميّة، وردّد أمام من التقاهم أنّ نتنياهو قد جهّز خطةً لاجتياح الجنوب وصولًا إلى صيدا. بعيدًا عن القهقهة التي سمعها هوكستاين ممّن التقاهم مباشرةً بعد نقله لهذا التهديد، يمكن الجزم أنّ المقاومة أثبتت من جديد أنّ العامل النفسيّ السياسيّ في إدارة الحرب يوازي لديها قوّتها العسكرية، ولذلك احتفظت بالفيديو لوقت قبل أن تكشف عنه.
يعلم الإسرائيلي جيّدًا، أنّ الحرب النفسيّة لا تأتي بالدرجة الثانية، فاليوم ودون صواريخ هذا ما سينتجه الفيديو الذي عُرض:
– في الإرباك الاجتماعي كثر من العائلات الميسورة في حيفا ستغادر نحو غوش دان، وربّما نحو خيارات أبعد وأكثر أمانًا
– في الإرباك الأمنيّ سيضطر العدو، لتبديل أماكن القبب الحديديّة وسيغيّر “صفّة” البارجة ساعر، وسيعود ليغيّرها من جديد لأنّ المقاومة ستكون حتّى قد صوّرت عمليّة نقلها وربّما تمويهها
– في الإرباك العسكري يعلم العدو أنّ المسح الفيديوغرافي يتحوّل بقرار واحد من أمين عام الحزب إلى مسح بالنار، وهنا لا تنفع الخطط التي هدّد بها هوكستاين لبنان
ليس بالبارود وحده تُخاض الحروب، فاليوم خاضت المقاومة جولةً باستخدام الذكاء النفسي، والذي لو كان سيغموند فرويد حيًّا، لأثنى عليه وانضمّ إلى صفوفها لدراسة أبعاده وتطبيق الاختبارات عليه مع مرور الوقت.