رسميًّا: أميركا “تبتزّ” الجيش اللبناني

قُضِيَ الأمر. لم تعد المسألة محلّ تكهّنات. المساعدات الأميركيّة التي تُقدم إلى الجيش اللبناني، ستضع لبنان فعليًّا أمام عمليّة ابتزاز.

الأميركيّون بدأوا عبر مجلس النوّاب، ثمّ مجلس الشيوخ، إقرار نصّ “قانون الدفاع الوطني” للسنة الماليّة 2026 والمؤلّف من أكثر من 3 آلاف صفحة وحصل “المرفأ” على نسخة منه.

الميزانيّة تتضمّن بنودًا عديدة، لكنّها حول لبنان تربط المساعدات السنويّة التي تُقدّم للجيش اللبناني، بشرط أساسي يتمثّل في التقدّم على مسار “نزع سلاح حـ ـزب الله”، وهي ضغوط تتزامن مع العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان، مع سياسة أميركيّة تتمثّل في تغطية العدوان حتّى لو كانت هناك محادثات يشارك فيها اللبنانيّون مع “إسرائيل”، وذلك على غرار قول السفير الأميركي ميشال عيسى بالأمس إنّ “المفاوضات بدأت لكن هذا لا يعني أنّ إسرائيل ستتوقّف وهم يعتقدون أنّ الأمرَين منفصلَين وبعيدَين عن بعضهما البعض وأعتقد أنّه من خلال التفاوض يمكن تقريب وجهات النظر”.
الرسالة: تفاوضوا مع محتلّكم تحت النار.
في الميزانيّة هناك نصّ يقول إنّ الأموال كالتي أُعلن عنها في تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي بقيمة 230 مليون دولار والتي قد تقدّم مستقبلًا، يجب أن تُربط بنزع سلاح المقـ ـاومة، وأنّ على وزير الدفاع الأميركي بيتر هيغسيث أن يثبت ذلك.
ويقول النص إنّه “يتعيّن على وزير الدفاع، بموجب الصلاحيّات القائمة، السعي إلى تقديم المساعدة، بما في ذلك التدريب والمعدّات والدعم اللوجستي والإمدادات والخدمات، لحكومتَي الأردن ولبنان بهدف… تعزيز قدرات القوّات المسلّحة اللبنانيّة لنزع سلاح جماعة حـ ـز ب الله الإرهـ ـابيّة المدعومة من إيران”.
ويوضح النصّ الوارد في الميزانيّة أنّه يتعيّن على الوزير هيغسيث وقائد القيادة المركزيّة الأميركيّة تقديم تقرير بحلول 30 يونيو/حزيران 2026 حول خطط مواصلة المساعدات الماليّة والماديّة، على أن يتضمّن “معايير لتقييم مدى تقدّم القوّات المسلّحة اللبنانيّة في نزع سلاح حـ ـز ب الله، وخيارات تعليق المساعدات المقدّمة للقوّات المسلّحة اللبنانية إذا تبيّن عدم رغبتها في العمل على نزع سلاح حـ ـز ب الله”.

ويقول الباحث في الشؤون العسكريّة والعلاقات الدوليّة العميد الركن بهاء حلال لـ”المرفأ” إنّه “لا شكّ أنّ الضغط الأميركي هو بمثابة حـ ـرب ناعمة”، ومحاولة دفع لبنان باتجاه فكّ الارتباط بين الجيش والمقـ ـاومة، خاصّة في ظلّ التطوّرات الإقليميّة والتصعيد في الجنوب، وهو طرح قد يستخدم كورقة ضغط ضمن التفاوض الدبلوماسي غير المعلن بين واشنطن وبيروت حول ملفّات الحدود، سلاح المقـ ـاومة، ولجنة الميكانيزم التي تدفع بها واشنطن.

قال الدكتور حلال إنّه من المتوقّع أن تتعامل الدولة اللبنانيّة بحذر، مع تأكيدها على حياديّة الجيش ودوره في حفظ الأمن، وربّما سعيها لتفادي التصعيد أو تقديم تطمينات للحفاظ على دعم الجيش كمؤسّسة مستقلّة.

إلّا أنّ الرسالة الأخطر بحسب حلال هي أنّ “الجيش اللبناني قد يتحوّل إلى أداة مساومة في الصراع السياسي والدولي حول موقع لبنان وموقفه من الصراع مع إسرائيل”، محذّرًا من أنّه في حال استمرار هذا التوجّه “فقد نرى تحوّلات في تمويل وتسليح الجيش، واندفاعة لبنانيّة نحو بدائل إقليميّة أو دوليّة أخرى”.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top