تبني إيران على المشاعر الوطنيّة التي تصاعدت بعد الحـ ـرب الأميركيّة-الإسرائيليّة ضدّها في حزيران/يونيو الماضي. الالتفاف الشعبي حول القيادة الإيرانيّة، بما في ذلك من جانب شرائح ربّما كانت تصنّف نفسها في خانة معارضين أو ناقمين أو رافضين للنظام الإسلامي في طهران، كان ظاهرة لافتة بالنسبة لكثيرين.
فأن تجد وطنك، تحت عدوان مباشر من عدوّ كان يصوّر ويسوّق لنفسه بين الإيرانيّين –وغيرهم من شعوب المنطقة- بأنّه صديق وحليف يريد الخير لهم، يعني أنّ الصورة لا يمكن أن تكون أكثر وضوحًا. كراهيّة الكيان الإسرائيلي لإيران، ولشعبها، تجلّت باستهداف العلماء والقادة العسكريّين والأمنيّين وحتّى المنشآت المدنيّة والأماكن العامّة.
ولم يكن مشهدًا غريبًا، تجمّع الإيرانيّين في ظلّ الحـ ـرب للتظاهر تعبيرًا عن تأييدهم لوطنهم، قوّاتهم المسلحة، والمرشدالأعلى، حتّى من جانب نساء سافرات الرؤوس، وهي فئة كانت تُصوَّر في الإعلام الغربي دائمًا بأنّها شديدة العداء لحكومتها.
التقطت القيادة الإيرانيّة هذه المشاهد، وبنت عليها، والظواهر عديدة، لكنّ مراسم تدشين النصب التذكاري في “ساحة انقلاب” في وسط طهران، للملك الساساني شابور الأوّل على صهوة جواده، وأمامه يركع الإمبراطور الروماني فاليريان الذي أسره الحاكم الفارسي في القرن الثالث الميلادي، كانت تحمل رسائل عديدة.
الاستعانة بالتاريخ الطويل والحافل للإمبراطوريّة الفارسيّة والمشاعر القوميّة، خطوة لا مفرّ منها، والحديث يتزايد بأنّ هناك جولة مقبلة في المواجهة العسكريّة مع الكيان الإسرائيلي-وربّما مع إدارة ترامب أيضًا.
الرسائل واضحة: إلى جانب النصب التذكاري الذي يجسّد العظمة وقهر الأعداء، رفعت في مكان الاحتفال صورة ضخمة تجسّد محاربًا فارسيًّا قديمًا وجنديًّا إيرانيًّا بزيّ عسكريّ حديث يمسكان الرمح ذاته، ويحمل كل منّهما درعًا رسمت عليها خريطة إيران وكُتب شعار “ستركعون أمام إيران مجدّدا”. كما رفعت صور لقادة عسكريّين إيرانيّين راحلين، منهم قاسم سليماني والعميد أمير علي حاجي زاده الذي كان ضمن مجموعة من القيادات العسكريّة التي اغتـ ـالتها إسرائيل مع بداية عدوان حزيران. ورفعت لافتات ضخمة تجسّد شخصيّات لها رمزيّتها في التاريخ الفارسي، وصورة تظهر ركوع جنود أميركيّين، كانوا أُسروا، أمام الإيرانيّين في الخليج قبل سنوات.









