ما لم تحسن السلطات المغربيّة احتواء حركة الاحتجاجات المتصاعدة في عدّة مدن مغربيّة، فإنّ الاحتقان الملتهب في الشارع منذ أيّام، مرشّح للتفاقم. تتجمّع عناصر عديدة: نفقات كبيرة على تنظيم “المونديال” مقابل تردّي الخدمة الصحّيّة والتعليميّة؛ وفساد وسوء إدارة، مقابل أموال تنفق بسخاء على اقتناء السلاح من إسرائيل.
شكوى المغاربة واضحة وتتلخّص في أبرز شعارات حركة الاحتجاج: “مبغيناش كأس العالم.. الصحّة أوّلًا”. وكنموذج، ماتت 8 سيّدات في أحد مستشفيات البلد، وهنّ يولدن. والقطاع الصحّي شبه منهار، والكوادر الطبّيّة تهاجر تباعًا، والمنشآت الطبّيّة مهملة بالكامل، باستثناء طبعًا المراكز الطبّيّة الخاصّة التي لا يقدر المواطن المغربي على دخولها.
وغالب الظن أنّ الملك محمّد السادس سينجو من غضب المحتجّين، وستتمّ التضحية برئيس الوزراء عزيز أخنوش الذي يبدو منفصلًا عن الشارع المغربي وهمومه، وخصوصًا ما يسمى “الجيل Z ” الذي بدأ بتوليد الحراك الاحتجاجي على منصّات التواصل الاجتماعي، قبل أن ينتقل الناس تدريجيًّا إلى شوارع المدن والبلدات، ويسقط قتـ ـلى وجرحى، ويتمّ اعتقال المئات حتّى الآن.
عندما حاولت هيئة رقابيّة قبل أعوام إثارة قضيّة فساد مرتبطة بعزيز أخنوش، أطاح الملك محّمد السادس برئيس لجنة تحقيق يقودها الخبير الاقتصادي الاشتراكي إدريس الكراوي حول شبهات فساد متعلّقة بملفّ المحروقات. عزيز أخنوش، كان تحت الحماية بوضوح. رجل الأعمال البارز، والوزير السابق الذي يقود الحكومة منذ العام 2021، والذي تمتلك زوجته امتيازات تجاريّة بارزة لماركات عالميّة.
لكنّ المحتجّين يتساءلون الآن:” أين أموال المغاربة؟!”.
في قلب الغضب ملفّ “المونديال” الكروي الذي تنظّمه المغرب في العام 2030، ولهذا فإنّ من بين الشعارات المرفوعة: “مستقبلنا مش للبيع” و “فلوسنا للمدارس مش للملاعب”، و”جيلنا ما يسكتش”.
وبينما تقدّر مساهمة المغرب في ميزانيّة تنظيم المونديال بين 5 و6 مليارات دولار، يخصّص أكثر من نصفها للملاعب والبنية التحتيّة للنقل، وتراهن السلطات على أن يدرّ المونديال عوائد اقتصاديّة تصل إلى 10 مليارات دولار، ارتبطت الحكومة المغربيّة، في ظل المجـ ـزرة في غزّة، بعلاقات تسليح كبيرة مع إسرائيل تقدر كلفتها بمئات ملايين الدولارات.
هذه عناصر انفجار كبير.