خلاصتان مهمّتان خرجت بهما إيران من حرب الأيّام الـ12 التي شنّها العدوّ الإسرائيلي عليها، وانضمّ إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويمكن وصفهما بأنّهما بمثابة درسين حيويّين.
الأوّل، وهو الخبر الجيّد، هو أنّ الإيرانيّين عمومًا مع تنوّع توجّهاتهم وانتماءاتهم السياسيّة والاجتماعيّة، التفّوا حول وطنهم عندما تعرّض للخطر من الخارج. وهذا ليس سرًّا مفاجئًا، سوى لهؤلاء الذين جرفتهم الدعاية الغربيّة طوال عقود، بأنّ الإيرانيّين سينساقون الى انتفاضة شاملة ضدّ دولتهم، ما إن تأتي لحظة الدعم الخارجي المناسبة. هذا وهم شائع، برغم أنّ عددًا كبيرًا من الإيرانيّين، حالهم كحال أيّ شعب في العالم، لا يتماهون مع نظام الحكم ولهم عليه مآخذ عديدة.
ولهذا، صار من الواضح أنّ الحكم الإيراني تنبّه الى هذا الدرس، وها هو الرئيس بزشكيان يقول “مستعدّون للتفاوض مع المعارضة على أساس الإنصاف والعدل، لأنّ حلّ مشاكل البلاد يتطلّب الحوار وليس المواجهة، والحكومة مستعدّة للتفاعل البناء مع كافّة التيّارات”.
أمّا مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدوليّة علي أكبر ولايتي، فقد تحدّث عن ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنيّة، ما قد يشمل ضرورة تغيير بعض المقاربات الاجتماعية المعتمدة في الحُكم، وجعل رضا المواطنين محورًا رئيسيًّا، بحيث يكون ذلك ملموسًا لديهم، لأنّ الأساليب المنتهية الصلاحيّة لم تعد كافية للتعامل مع مجتمع أثبت نفسه، وتمكّن من تخطّي مرحلة الحرب.
أمّا الدرس السيّئ، فهو أنّ الإيرانيّين شعروا لأوّل مرّة منذ انتهاء الحرب العبثيّة (عربيًّا وإسلاميًّا وإنسانيًّا) التي شنّها صدّام في الثمانينيّات، بأنّ الحرب عادت إلى قلب بلادهم.
لقد بنت إيران منذ نهاية حرب العراق عليها، استراتيجية المحيط الرادع لمنع استهدافها بحرب جديدة من جوارها. الإسناد الأميركي للحرب الإسرائيليّة لوجستيًّا (خصوصًا عمليّات التزوّد بالوقود)، كسر هذه المعادلة من خلال تسهيل وصول العدوّ المكثّف إلى الأراضي الإيرانيّة وتوجيه ضربات قاسية.
صحيح أنّ استراتيجية المحيط الإقليمي الآمن، حمت إيران لسنوات نسبيًّا، لكنّ ترسانتها الصاروخيّة حقّقت توازنًا ردعيًّا إضافيًّا، وقد ألحقت أذىً مباشرًا وفاعلًا في الجبهة الداخليّة للعدو الإسرائيلي. الرئيس بزشكيان أكّد في مقابلة “الجزيرة” الأخيرة، أنّ إسرائيل طلبت وقف إطلاق النار.
درسان ذهبيّان: احتضان الناس، وحمايتهم من المعتدي الخارجي.