صحيح أنّ شخصية “سوبرمان” الكرتونية التي صمّمها أميركيّان يهوديّان هما جو شوستر وجيري سيغل في العام 1938، استخدمت في سياقات “مسيّسة”، بما في ذلك محاربة النازيّين واليابانيين خلال الحـ ـرب العالميّة الثانية، لكنّها ربّما المرّة الأولى التي يعتقد فيها كثيرون، أنّ إسقاطات ضمنيّة في الفيلم الجديد، تتضمّن رسائل سياسيّة تنتقد الحـ ـرب الإسرائيليّة على ما يبدو.
لم يؤكّد مخرج الفيلم جيمس غن، أو أيّ من أفراد طاقم العمل، وجود إسقاطات كهذه في الفيلم، لكنّ العديد من النقّاد والمتابعين والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، وجدوا خلاف ذلك.
هناك تلميحات عديدة من بينها: أنّ شخصيّة في الدولة المعتدية وهي “بورافيا”، القويّة عسكريًّا وتكنولوجيًّا وحليفة للولايات المتحدة، تشبه إلى حدّ كبير الصهيوني ديفيد بن غوريون. وهناك شخصيّة أخرى فيها تلميحات لرئيس وزراء العدو نتنياهو.
أمّا العدوانيّة التي تمارسها “بورافيا” ضدّ “غارهانبور”، ففيها إسقاطات على الواقع الحالي: الدولة المعتدى عليها فقيرة وإمكاناتها محدودة، وهناك جدار فاصل يشبه المناطق العازلة بين الكيان الإسرائيلي وغزّة؛ وهناك مشهد يبدو وكأنّه استعادة لانتفاضة 2018 السلمية التي سار فيها الفلسطينيون في العراء وبلا أسلحة سوى العصى والحجارة، باتجاه مواقع الاحتـ ـلال حول غزّة، وقـ ـتل منهم المئات خلال أيّام قليلة.
“سوبرمان” هنا يحاول الحؤول دون هجوم “بورافيا” الدموي، والتي يفترض أنّ لها خطة استيطانيّة لتهجير السكّان الأصليّين من “غارهانبور”، والاستيلاء على أراضيها.
وقد بدأت أصوات موالية للصهاينة داخل الولايات المتّحدة، تطلق انتقادات لهذه التلميحات في الفيلم الذي بدأ عرضه حول العالم، قبل أيّام. وبرغم ولاء الرئيس ترامب الواضح لنتنياهو وعدوانيّته على الشعوب العربيّة، فإنّه بالتزامن مع بدء عرض الفيلم، نشر حساب البيت الأبيض على منصّة “إكس” صورة يظهر فيها وجه ترامب بجسد “سوبرمان”.
الفيلم ليس فلسطينيًّا وليس ترويجًا صريحًا لقضيّتهم، لكنّه يتضمّن إشارات لا يمكن إغفالها، وهو ربما يغازل المزاج العام بما في ذلك بين الناشطين اليهود المندّدين بإسرائيل ورفضًا للحـ ـرب على الفلسطينيين، وبين أوساط أميركيّة متزايدة منتقدة لإسرائيل وتمويلها والانحياز الأميركي التقليدي لها.
ربّما..
وربّما لو أنّ ترامب شاهد الفيلم مبكرًا، لما انتحل صفة “سوبرمان” الجديد، مثلما يحاول دائمًا التباهي دعائيًّا.