كما يقال “فلت الملق”، أو خرجت الأمور عن السيطرة، أقلّه بالنسبة إلى “إسرائيل” التي وجدت نفسها فجأة أمام موجة من اللهجات العالية النبرة والتهديدات. من العرب؟ لا.. من أوروبا.
ما بدت كأنّها ليونة من جانب رئيس وزراء العـ ـدوّ نتنياهو بحديثه المبهم عن استعداده لوقف الحـ ـرب (مؤقّتًا، وبشرط نزع السلاح من غزّة ونفي قادة حمـ ـاس)، ليست ناجمة عن شعوره بهول جـ ـريمة التجويع التي يرتكبها منذ أسابيع في غزّة.
كلّ ما في الأمر أنّ الرئيس الأميركي محبط منه، وهذا لم يعد سرًّا، والآن الأوروبيّون يتحرّكون وبنبرة تهديد عالية لمعاقبة الكيان ومسؤوليه. معادلة استمرار الحـ ـرب وفي الوقت نفسه منع دخول الغذاء، لم تعد مقبولة لديهم.
التظاهرة الحمراء التي خرجت في لاهاي (وهي أكبر احتجاج تشهده هولندا منذ 20 سنة) كانت إشارة على أنّ الأوروبيّين (ومجدّدًا ليس العرب)، لم يعد بإمكانهم السكوت.
يستشعر نتنياهو الخطر الخارجي لكنّه يحاول التحايل، كعادته. يبرّر ما يجري بالقول “أصدقاؤنا يدعموننا لكنّهم يتحفّظون على حدوث مجاعة أو أزمة إنسانيّة في قطاع غزّة”!
مع ذلك تتراكم التحدّيات. رؤساء دول وحكومات إسبانيا وإيرلندا وأيسلندا ومالطا والنرويج وسلوفينيا ولوكسمبورج دعوا، برعاية من رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، إلى وقف الهجوم على غزّة قائلين “لن نصمت أمام الكارثة الإنسانيّة والتي تتكشّف أمام أعيننا”.
ومن المقرّر أن يصوّت وزراء خارجيّة الاتحاد الأوروبي في 26 أيّار/مايو الحالي على ما إذا كان سيتمّ تعليق اتفاقيّة الشراكة الأوروبيّة مع “إسرائيلّ، وهي خطوة تؤيّدها فرنسا. أمّا بريطانيا من جهتها، أعلنت تعليق محادثات التجارة الحرّة مع “إسرائيل” واستدعت السفيرة الإسرائيليّة لديها وأعلنت عقوبات جديدة على مستوطنين في الضفّة الغربيّة، وتبحث معاقبة الوزيرين بن غفير وسموتريتش. وكشفت السويد أنها ستتحرّك داخل الاتحاد الأوروبي للضغط من أجل فرض عقوبات على وزراء إسرائيليّين محدّدين. كما صادق البرلمان الإسباني على النظر في مقترح حظر تجارة الأسلحة مع “إسرائيل”.
إيرلندا، التي تتحرّك طوال شهور الحـ ـرب للضغط على “إسرائيل”، اختصرت قائلة “ما تقوم به إسرائيل في غزّة أمر وحشي”. الرئيس الفرنسي ماكرون يقول إنّ كلّ الخيارات مطروحة للضغط، بما في ذلك توسيع العقوبات.
لهذا فقط، “يلين” نتنياهو..
لا بسبب مقرّرات القمّة العربيّة.