لم تعد هناك شكوك. الكذب، أو ما جرى تحت شعار “الرقابة العسكريّة”، أخفى الكثير، عن الرأي العام الإسرائيلي الداخلي، وبالتأكيد الرأي العام العربي والدولي.
طمس الخسائر، أو تهميشها، والتكتّم حولها، سمة السلوك الذي انتهجته السلطات الإسرائيليّة، سواء على مستوى القيادات السياسيّة، أو على المستويات العسكريّة والأجهزة الأمنيّة، وكلّ ذلك قاد إلى تشويه وتعتيم صورة الخسائر التي منيت بها “إسرائيل” لمحاولة إظهار صورة حكومة نتنياهو كـ”منتصرة” بالمطلق.
هذا هراء…
على سبيل المثال. هناك وثائقي عرضته “القناة 12” قبل أيّام حول الحـ ـرب الإسرائيليّة على لبنان، حيث أقرّ وزير الدفاع السابق يوآف غالانت بفشل “إسرائيل” في اعتراض كثير من الصـ ـواريخ الإيرانيّة التي أطلقتها إيران. وقال غالانت “كانت هناك صـ ـواريخ بعضها يحمل 500 كيلوغرام مواد متفجّرة وآخر يحمل حتى 900 كيلوغرام من المواد المتفجّرة، كثيرٌ منها لم ننجح باعتراضها، وأيضًا أصابت مواقع، مبانٍ وأوقعت أضرارًا كبيرة”.
لم يشاهد أحد صورة قريبة عن أيّ من هذا الدمار والإصابات المباشرة التي حقّقتها الصـ ـواريخ، باستثناء مشاهد مصوّرة من بعيد التقطها سكّان المناطق المجاورة كما جرى مثلًا في قاعدة نيفاتيم بالقرب من صحراء النقب التي انهمرت عليها الصـ ـواريخ وشوهدت انفجاراتها بالعين المجرّدة.
هذا مجرّد مثال كثيرون لم يسمعوا به.
انتظرنا أيضًا طويلًا لنطّلع على كمين أوقع قتـ ـلى لم نسمع بعددهم منذ “طوفان الأقصى”. العمليّة نفّذتها “كتـ ـائب القسّـ ـام” في 22 كانون الثاني/يناير 2024، في شرق مخيم المغازي وسط قطاع غزّة، استهـ ـدفت وحدة إسرائيليّة كانت تقوم بتفخيخ حيّ كامل لتفجيره، لكنّ الكمين الفلسطيني أوقع 21 جنديًّا وضابطًا من قوّات الاحتـ ـلال قتـ ـلى في لحظة واحدة، بينهم 14 من وحدة النخبة 8208، ولم ينجُ من الوحدة إلّا 4 فقط.
هذا مثال آخر لم نسمع به.
في شباط/فبراير الماضي، بعد شهور على وقف إطلاق النار رسميًّا في لبنان، نشرت “يديعوت” مذكّرات لجندي من “لواء غولاني” تحدّث فيها عن إصابة “الحزب” في 8 أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي قاعدة عسكريّة عند الحدود الشماليّة بعدد من المسيّرات الانقضاضيّة، أصاب بعضها مخزنًا للذخيرة ما أدّى لانفجارات كبيرة، واضطر إلى الاحتماء مع جنود آخرين بعدما أصيب بجروح وحاصرتهم النيران.
لكنّ الأيّام تفضح. وستتوالى القصص.