اصطدام ممكن بين “محـ ـتلّين”

يتجدّد الحديث أحيانًا عن احتمالات وقوع “مواجهة” بين تركيا و”إسرائيل”، على الساحة السوريّة. أساس الفكرة أنّ الصدام حتميّ بين أيّ قوّتين تتّسعان نفوذًا، فكيف هو الحال والدولتين هنا إحداهما تقودها عصبيّة يهوديّة متطرّفة (بزعامة نتنياهو) تستوحي من التاريخ، ومقابلها قوميّة تركيّة تستند على تاريخ الإرث الامبراطوري.

“معهد القدس للشؤون الأمنيّة والخارجيّة” الإسرائيلي، يرى أنّ الانتشار العسكري المتوسّع في أنحاء المنطقة (في سوريا والعراق وقبرص بالإضافة إلى ليبيا وقطر والصومال والسودان وتشاد)، مدفوع بعوامل مختلطة من الايديولوجيا والاهتمامات الأمنيّة والمصالح الاقتصاديّة والطموحات الجيوسياسيّة، واستراتيجيّة أردوغانيّة هدفها إعادة تشكيل دور أنقرة كقوّة إقليميّة صاعدة، بما يجعلها على تماس قد يكون صداميًّا مع لاعبين آخرين في المنطقة، بما في ذلك “اسرائيل”.

وبينما تتوسّع تركيا في سوريا من خلال حضورها العسكري المباشر، ومن خلال الفصائل المدعومة منها مباشرة، باعتبارها “حامية النظام الجديد” في دمشق، فإنّ “إسرائيل” نفسها تمدّدت في الجنوب السوري، بذرائع مختلفة، وتلوّح بالمزيد.

وبرغم التقارير التي تحدّثت عن لقاء تركي-إسرائيلي، جرى في أذربيجان، لتحديد الخطوط الحمراء والحدّ من احتمالات الاشتباك خصوصًا في سوريا، إلّا أنّ “معهد القدس للشؤون الأمنيّة والخارجيّة”، حدّد 4 دوافع أمام تركيا، أوّلها “النزعة العثمانيّة الجديدة” والرغبة بالعمل بشكل مستقلّ بدرجة ما، عن حلف “الناتو” والغرب، والتحالفات الايديولوجيّة مع منظّمات وحركات إسلاميّة، وثالثًا دوافع الأمن ومكافحة “الإرهـ ـاب” (وتحديدًا التحدّي الكردي)، أمّا رابعًا فهو الطاقة والمصالح الاقتصاديّة بما فيها حماية “سيادتها” البحريّة في شرق المتوسّط.

وبرغم المهادنة الأردوغانيّة إزاء “إسرائيل” مع حملة الجرائم بحقّ الفلسطينيّين واللبنانيّين والسوريّين، إلّا أنّ التوغّل الإسرائيلي باحتلاله مئات الكيلومترات في الأراضي السوريّة خلال الشهور الماضية، وضع الطرفين في خندقين متقابلين ومتنافسين حتمًا.

“معهد القدس للشؤون الأمنية والخارجيّة” يقول إنّ التمركز التركي في شمال سوريا هو الذي يشكّل أعلى احتمال لوقوع احتكاك مع “اسرائيل”.

وقد لا تكفي “مهارة” الطرفين التركي والإسرائيلي في إدارة القنوات الدبلوماسيّة بينهما، لمنع الصدام، لكنّ التمدّد التركي المفرط، وخليط الثقة والقلق التركي، يحمل مخاطر استراتيجيّة، بحسب التقييم الإسرائيلي نفسه.

أخر المقالات

اقرأ المزيد

Scroll to Top