شهد يوم أمس الأحد بتاريخ 9/6/2024 استقالة مسؤولين إسرائيليين من حكومة الطوارئ برئاسة بنيامين نتنياهو وهم: الوزيران في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس وغادي آيزنكوت، ومسؤول ثالث وهو قائد فرقة غزّة في الجيش العميد آفي روزنفيلد نتيجة فشل الأخير بحدوث حرب طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر.
وخلال بيان الاستقالة صرّح غانتس بأنّ نتنياهو لا يبحث عن نصر حقيقيّ ولم يستطع تحقيق أيّ هدف من أهداف الحرب إلى الآن. ويأتي استخدامه لمصطلح النصر الحقيقي عوضًا عن كلمة النصر المطلق التي يستخدمها نتنياهو منذ بداية الحرب للإشارة الفعليّة إلى أنّه لا يوجد ما يسمّى نصرًا مطلقًا مع استمرار الحرب مدّة ثمانية أشهر، وفشل المنظومة الأمنية بكلّ أذرعها باستعادة الأسرى من داخل القطاع. ورغم تزامن إعلان الاستقالة مع تحرير 4 رهائن من القطاع إلّا أنّ كلفة تحريرهم تمثّلت بمقتل أسرى آخرين ما زالوا رهائن عند حركة المقاومة، وهو ما يشير إليه تصريح غانتس بمعنى النصر الحقيقي؛ أي أنّ النصر الفعلي يتمثّل بوقف الحرب والذهاب نحو صفقة شاملة لإعادة كافّة الأسرى أحياء وليس جزءًا ضئيلًا منهم فقط.
ويتزامن إعلان حملة الاستقالات مع محاولات الأميركيّ الضغط على حكومة نتنياهو للبدء بالانفتاح نحو الذهاب لصفقة شاملة والتوقّف عن الاستراتيجيّة المتّبعة حاليًّا، التي لا تحقّق سوى الدمار، ورغم أنّ الأميركيّ هو الحليف الأوّل لـ”إسرائيل” بهذه الحرب إلّا أنّ رغبته بالتوصّل لحلّ تتمثّل بشكل أساسيّ باستعادة الأسرى الإسرائيليين في ظلّ ما أثبتته المقاومة من قوّة صمود بعد 8 أشهر من الحرب المتواصلة، وتراجع صورة “إسرائيل” دوليًّا والمحاكمات الدوليّة التي تطالب بمحاسبتها باعتبارها دولة تمارس الإبادة الجماعيّة، وهي المحاور التي تحرج الأميركي الذي يواجه حراكًا طلّابيًا فاعلًا داخل أراضيه يطالب بوقف الحرب ووقف تمويل “إسرائيل”.
أمّا عن حسابات تأجيل الحرب أو وقفها، فإنّ خطوة الحرب لا يمكن عزلها عن جوهرها الأساسيّ وهو تحقيق صورة نصر لـ”إسرائيل” بأقلّ التكاليف، وليس معنى الاستقالة بإيقاف الحرب لتصدير نصر للمقاومة الفلسطينية، لذلك فإنّ فهم سياق الاستقالة يجب أن يتمّ برغبة المستقيلين باستخدام استراتيجيات أخرى غير الموجودة حاليًّا بالشكل الذي يصبّ لصالح “إسرائيل”، وفي ظلّ اختلاف معنى الحروب اليوم فإنّ وقف الحرب حتى كمفهوم عند الإسرائيليين يرتبط بطريقة إدارة الحرب لا في جوهرها، فهدف المستقيلين هو إدارة أكثر تنظيمًا للحرب لا عشوائية كما يديرها نتنياهو.